٩٢٦. هل عيسى علم للساعة؟
يذهب أصحاب الإسرائيليات إلى تفسير الآية : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٦١) (الزخرف) ، أن من أعلام الساعة خروج المسيح ، لأن الله ينزله من السماء قبيل قيام الساعة ، غير أن اليهود فى زعمهم أن الذى ينزل قبل قيام الساعة هو «النبىّ إيليا» ، والمسيح عندهم هو إيليا وليس عيسى ، وإيليا هو النبىّ إلياس أو إدريس بالعربية ، رفع إلى السماء ، وطالما أنه رفع فسيعود حتما ، وأنه ينزل فى آخر الزمان وقبل يوم القيامة ليعيد لليهود مجدهم (ملاخى ٤ / ٥ ـ ٦) ، ويسمون إيليا لذلك باسم «المسيح المنتظر» ، وهى العبارة التى قال مثلها الشيعة : «المهدى المنتظر» ، والمهدى هى البديل لمصطلح «المخلّص» المسيحى. وقال النصارى : إن المسيح هو الذى ينزل وليس إيليا. وفى هذه الآية من القرآن (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) لا دليل على أن الكلام عن المسيح كما يقول أصحاب التفاسير ، وتؤكد ذلك الآية قبلها فتجعله عبدا أنعم الله عليه بالنّبوة ، تقول : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (٥٩) (الزخرف) ، أى آية وعبرة يستدل بها على قدرة الله ، وهذه الآية هى المسيح عيسى ، لأنه كان من غير أب ، وجعل إليه إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والأسقام ما لم يجعل لغيره فى زمنه. والصحيح أن الذى هو علم للساعة هو الذى تشير إليه الآية : (وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ، والكلام فيها عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم باعتباره خاتم الرسل صار علما للساعة ، أى علامة ، لأنه بعد النبىّ صلىاللهعليهوسلم لا يكون أنبياء ، فهو آخرهم ، وهو الأقرب لذلك من الساعة ، فأولى بهم أن يتّبعوه إذن ، لأن الصراط الذى يدعو إليه هو الصراط المستقيم ، ولأن الديانة التى يبشّر بها هى القول الحق الذى لا تحريف فيه ، وفى الحديث : «بعثت أنا والساعة كهاتين» وضمّ السبابة والوسطى ، فهو إذن المعنىّ بأنه علم أو علامة من علامات الساعة. وقد جاء النبىّ صلىاللهعليهوسلم وتوفى وانتهى الأمر ، ولا ادّعاء بأنه سيعود ، ففي القرآن لا رجعة لأحد إلا يوم القيامة ، لا المسيح ولا إيليا ، وقول النصارى بأن عيسى سيرجع مردود عليه : هل يرجع أحد بعد أن يموت إلا يوم القيامة؟ ولو كان عيسى سيرجع لذكر ذلك القرآن صراحة ، ولكن لا إشارة إلى ذلك من قريب أو بعيد ، وأحاديث المسيح الدجّال كلها موضوعة ، ولا مجال كى يكون المسيح قاتلا للدّجال كما ادّعوا ، ولا لأن يكون هو المجدّد للدين على سنة وشريعة نبيّنا ، فتلك جميعها تلفيقات مهر فيها اليهود بخاصة ليفسدوا على الإسلام أنه الديانة التى لم تحدث بها تحريفات. وروّج لها الشيعة للأسف.
* * *