بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها. فذلك إذن زكريا ، وتلك بركاته ، وقد ورثها منه عن حقّ ابنه يحيى. (انظر قصة يحيى بن زكريا).
* * *
٨٩٧. هل قتل اليهود النبىّ زكريا؟
فى قصة زكريا فى القرآن قال فى دعائه : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) (مريم ٤) ، وقال : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (مريم ٦). والمفسرون من المسلمين ذهبوا إلى أن خوفه من أن يرثه أقاربه ، وأنه ورّث ابنه يحيى العلم ، أو أنه ورّثه النبوة ، إلا أن التفسير الأفضل هو ما جاء فى التوراة ، ففي سفر أخبار الأيام الثانى أن والد زكريا كان يوياداع ، وكان كاهنا أيام الملك يوآش ، وكان يجمع الكثير من الفضة من اليهود رسما عليهم من أيام موسى ، وأنه عاش طويلا وشبع من الدنيا ومات عن ثروة آلت إلى ابنه زكريا الذى صار كاهنا مثل أبيه ، وكان مصلحا مثله ، فلما زاغ الشعب عن عبادة الله إلى عبادة الأصنام ، وقف زكريا ضد الناس ، فكرهوه وكرهه الملك ، فهذا إذن هو تفسير قول زكريا : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) ، وقوله : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (مريم ٦) ، وتحالف الشعب على زكريا ورجموه بالحجارة بأمر الملك فى بيت الربّ ، ولم يرحمه الملك ، ولم يذكر خدمات أبيه له ، بل قتل ابنه ، فقال زكريا وهو يموت : «ينظر الربّ ويطالب» ، وربما لقوله هذا صلة باسمه «زكريا» ويعنى «الربّ يذكر». وقوله : «ينظر الربّ ويطالب» يعنى أن الله يرى ظلمهم له وسيعلمون عاقبة الظلم ، وقد حدث ، فإنه لم تكد السنة تمر إلا وجيش أرام قد زحف على مملكة يهوذا وعلى أورشليم ، وأهلك جميع رؤساء الشعب ، وغنم كل شىء ، وانتقم الله من الملك فقتله عبيده من أجل دم زكريا (٢ أخبار ٢٤ / ٢١ ـ ٢٥).
ونبّه لوقا فى إنجيله إلى مقتلة النبىّ زكريا ، فقال على لسان المسيح : «الويل لكم فإنكم تشيّدون قبور الأنبياء وآباؤكم قتلوهم ، فأنتم شهود بأنكم راضون بأعمال آبائكم ، لأنهم هم قتلوهم وأنتم تشيدون قبورهم. ومن أجل ذلك قالت حكمة الله : أرسل إليهم أنبياء ورسلا ، فمنهم من يقتلون ومن يطردون ، لكى يطلب من هذا الجيل دم جميع الأنبياء الذى سفك منذ إنشاء العالم ، من دم هابيل إلى دم زكريا الذى قتل بين المذبح والبيت!» (١١ / ٤٧ ـ ٥١) ، وفى كلام المسيح ما يسميه أهل الأدب السخرية الدراميةdramatic irony ، لأنه تكلم عن الموت قتلا للأنبياء ، وكان لا يعلم أنه سيموت نفس الميتة ، فيا لسخرية الأقدار! والجديد أيضا فى مقالة المسيح السابقة أن هابيل كان نبيا!
* * *