ويكون الكاهن نجسا إلى المغيب. والذى يحرقها يغسل ثيابه بالماء ، ويرحض بدنه بالماء ، ويكون نجسا إلى المغيب. ويجمع رجل طاهر رماد البقرة ، ويضعه خارج المحلة فى موضع طاهر ، ويكون محفوظا لجماعة بنى إسرائيل لأجل ماء النضح : إنها ذبيحة خطاء. هذه هى الشريعة : أى إنسان مات فى خيمة فكل من دخلها ، وكل ما فيها يكون نجسا سبعة أيام. وكل إناء مفتوح ليس عليه ضمام مشدود فهو نجس. وكل من لمس على وجه الصحراء قتيل سيف ، أو ميتا ، أو عظم إنسان ، أو قبرا ، يكون نجسا سبعة أيام ، فيؤخذ للنجس من رماد حريق ذبيحة الخطاء فى إناء ويصبّ عليه ماء معين ، ويأخذ رجل طاهر زوفى ويغمسها فى الماء ، وينضح على الخيمة ، وعلى جميع الأمتعة والنفوس التى كانت فيها ، وعلى من لمس العظم ، أو القتيل ، أو الميت ، أو القبر. ينضح الطاهر على النجس فى اليوم الثالث والسابع ، ويطهّره فى اليوم السابع فيغسل ثيابه ويرتحض بالماء فيطهر عند المغيب. وأى رجل تنجّس ولم يتطهر تقطع تلك النفس من بين الجماعة لأنه نجّس مقدس الربّ ولم يرشّ عليه ماء النضح فهو نجس» (العدد ١٩ / ١ ـ ٢١). والنصّ ـ كما ترى ـ عام ، وهو تشريع للتطهّر من الموت سواء كان قتلا أو موتا عاديا ، فالميت ، وعظم الميت ، وقبره ، كل ذلك نجس ينبغى التطهّر منه. والبقرة التى تذبح شرطها أنها أولا : صهباء أى يميل لونها إلى الحمرة أو الشقرة ؛ وهى ثانيا : صحيحة لا عيب فيها ؛ وهى ثالثا : لم يرفع عليها نير أى لم يشدّ عليها خشب على رقبتها بين القرنين ليوصل به المحراث أو خلافه. وفى قصة القرآن وصفها بأنها أولا : «لا فارض ولا بكر» ، أى لا كبيرة هرمه ، ولا صغيرة لم يلحقها الفحل ، وزاد فى الوصف فقال «عوان بين ذلك» أى نصف بين الكبيرة والصغيرة ؛ وهى ثانيا : «فاقع لونها» ، أى شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيض ؛ وهى ثالثا : «تسرّ الناظرين» أى تعجبهم ؛ ثم هى رابعا : (بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) (٧١) (البقرة) ، أى ليست مذلّلة بالحراثة ، ولا معدّة للسقى ولم تربط إلى ساقية ؛ وهى خامسا : «مسلّمة لا شية فيها» ، أى صحيحة لا عيب فيها. فكما ترى ، فالأسلوب أشد ما يكون بلاغة فى قصة القرآن ، والكلام يسرد فى شكل حوار. وتبدأ القصة بالأمر بذبح البقرة فى مناسبة وجود قتيل بين أظهرهم ، فأتوا موسى وسألوه البيان ، ولكن جوابه لهم لم يكن الجواب على سؤالهم ، ولذلك قالوا : «أتتخذنا هزوا؟» والهزو اللعب والسخرية ، فاستعاذ موسى من الهزو أو الهزء ، لأنه جهل ، وهو نقيض العلم الذى يتحلى به الأنبياء. وقولهم ذاك يتمشى مع وصف أنبيائهم لهم : يشوع بن سيراخ ، وأشعياء ، وإرميا ، وباروخ ، وحزقيال ، ودانيال ، وهوشع ، ويوئيل ... إلخ ، وظاهر قول موسى فى الآية دليل فساد اعتقادهم ، ولقد ردّ عليهم بالاستعاذة من الجهل فقد جهّل قولهم له : «أتتخذنا هزوا» ، ولو قال ذلك اليوم أحد عن