الْغافِرِينَ) (١٥٥) (الأعراف) ، وفى التوراة أن «الميقات» هو الموعد الذى ضربه الله تعالى لموسى ليلقاه وبنى إسرائيل بعد حادث العجل وتكسير الألواح ، وخرج موسى ليلقى ربّه ويعتذر إليه عن حادث العجل ، واصطحب المتسبب فيه : هارون ، ومعهم ابناه ليساندا أباهما ، غير أنهم لمّا انتهوا إلى الجبل مات هارون ، فقد كان ضعيفا ويشكو رهقا بالقلب فلم يحتمل صعود الجبل ، فقيل إن موسى قتله بمساعدة ولدىّ هارون ، ليتخلّص منه وقد صار يتسبب له فى المشاكل مع بنى إسرائيل ، وكانوا يحبونه عن موسى ويؤثرونه عليه ؛ وقيل : إن موسى أزاحه بالقتل لينصّب ولدىّ هارون مكانه ، فيكسب الولدان المنصب ويكونان من رجال موسى. ودافع موسى عن نفسه ، فكيف يقتل هارون وولداه معه؟! وأصر بنو إسرائيل على اتهام موسى ، وقالوا إن موت هارون دون مرض وبلا سبب ، وبدون أن يروا له جثة ويشاركوا فى الدفن ، إنما لأن موسى نقم عليه على لينه وحسده على خلقه وعلى محبة الشعب له دون موسى. وطلب موسى منهم أن يختاروا من كل سبط عددا ليروا الدليل على براءته ، وكوّن منهم وفدا من سبعين ، وهذا الرقم نفسه هو الذى انقسم إليه بنو إسرائيل سبعين فرقة ، بالإضافة إلى فرقة هارون ، وفرقة موسى ، وبذلك يصير عدد الفرق اثنتين وسبعين فرقة ، فقد كان هؤلاء السبعون مشايخ لبنى إسرائيل ، وكانوا رؤساء للبيوت ، وزعماء للأسباط ، وكان لكل واحد منهم رأيه ، فصاروا من بعد اثنتين وسبعين فرقة. قيل : إن موسى توجه مع السبعين إلى حيث دفن هارون ، وتقول الخرافة إنهم سألوه فى القبر : من قتلك؟ فقيل : إنه ردّ عليهم ما قتلنى أحد ، ولكن الله توفانى! فتحولّوا إلى موسى وقالوا ، وما يزالون يشكون فيه وطلبوا لقاء الله ، وأصروا على طلبهم حتى رأوا النور يملأ المكان والكون وأخذتهم الصاعقة ، كقول القرآن : (يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) (البقرة ٥٥) ، وخاف موسى وخاطب ربّه وقال : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) (الأعراف ١٥٥). وقيل : هؤلاء السبعون فى سورة الأعراف الذين اختارهم موسى لميقات الله ، بخلاف السبعين فى سورة البقرة الذين قالوا : أرنا الله جهرة. وقيل : ما صعقوا لمّا رأوا الله ، ولكن أخذتهم الرجفة من الهيبة. وقيل : بل ماتوا يوما وليلة. وقيل غير هذا فى معنى أخذتهم الصاعقة. «والسفهاء» فى الآية هم السامرى ومن تبعه من بنى إسرائيل ؛ وقيل : هم الذين اتهموا موسى بقتل هارون ؛ وقيل : هم الذين سألوا أن يروا الله جهرة. وقيل : إن قوله لربّه إن هذه الفتنة التى هم فيها هى فتنته تعالى لهم ، أى اختباره وامتحانه لحقيقة إيمانهم ، نسبت الفتنة لله ، كما نسبها الله تعالى لنفسه فى قوله : (فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ) (طه ٨٥) ، وهذا ردّ