٨٤٨. قصتان فى القرآن عن موسى والذى جاء من أقصى المدينة يسعى
القصتان وردتا فى القرآن فى سورتى القصص ويس ، وسورة القصص أسبق من سورة يس ، والإخبار عن هذا «الذى جاء من أقصى المدينة يسعى» فى سورة القصص فى آية واحدة تقول : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) (٢٠) (القصص) ، وفى سورة يس يستغرق الإخبار عنه سبع آيات ، من الآية ٢٠ إلى الآية ٢٧ ، ويأتى فى بدايتها : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ) (يس) ، والاختلاف واضح بين البدايتين ، ففي «القصص» «وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى» ، وفى يس «وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى» فؤخّر «الرجل» فى سورة يس ، وقدّم فى سورة القصص ، فإذا وجدنا «الرجل» فى مقدمة الآية علمنا أنها من سورة القصص ، وإذا وجدناه متأخرا فيها علمنا أن القصة الواردة هى من يس. ورجل سورة القصص واش وجاسوس ، وإن كان قد خدم موسى بنصيحته بالهروب ، إلا أنه ليس من الدعاة ، ولم يفعل ما فعل حبا فى الدين ، ولكن لأنه كان متعصبا لقومه ، ومن منطلق عنصرى ، فهو عبرانى وموسى عبرانى مثله ، وأعداؤهما آل فرعون من الأشوريين ؛ وليس كذلك «رجل» سورة يس ، فقد كان داعيا إلى الله ، وإلى اتّباع رسله ، وأعلن على رءوس الأشهاد إيمانه ، ويبدو أنه استشهد وأدخل لذلك الجنة ، فتمنى لو علم قومه أن الله أكرمه وغفر له وأثابه خيرا بخير.
* * *
٨٤٩. قصة سورة القصص عن موسى والرجل الذى جاء من أقصى المدينة يسعى
«الرجل الذى جاء من أقصى المدينة يسعى» هو صاحب موسى ، ويرد عنه فى سورة القصص أنه عبرانى مثله ، يقول تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) (٢٢) (القصص) ، فلولا نصيحة هذا الرجل لأمسكوا بموسى جزاء قتله للذى هو عدوه. وكونه يأتى من أقصى المدينة يعنى أنه يسكن الأطراف ، حيث كان أهل البلد والأغنياء يسكنون قلب المدن والقرى ، والأغراب والفقراء والمضطهدون يسكنون الأطراف أو العشوائيات. وفى الآية أن الملأ يأتمرون بموسى ، والملأ أى السلطة ، وائتمارهم بموسى يعنى أنهم قد خططوا للقبض عليه أو التخلص منه ، وسبب ذلك ظهوره بمظهر الجبّار ـ أى البلطجى ، وكان موسى من الزيلوطZealot أى المتعصبين اليهود المملوءين وطنية وحماسة لقومهم ، والرافضين لما