العجل» ، وكانت عجلون قرب الساحل إلى الشمال الشرقى من غزة ، ومكانها الآن خربة عجلان ، شمال تل الحسى وقرب أربد. وهناك أيضا عجلون (بالكسر) وتعنى «مثل العجل» ، وهو أحد ملوك موآب ، وله حكايات مع بنى إسرائيل. والأصول اللغوية لكلمة «عجل» عند العرب والعبرانيين والموآبيين والأشوريين واحدة ، واللفظة سامية ويهمنا فى قصة العجل : أن المصريين نادرا ما يشيرون إلى العجل أبيس ، وإنما صورة العجل متغلغلة فى الأدب الشعبى والرسمى العبرانى خصوصا ، والسامى عموما ، والقرآن نبّه إلى ذلك ، وعبادة العجل من مكونات اللاشعور العبرانى ، وهو رمز القوة الغاشمة والجنس والمال ، وعند ما نقول إنهم عبدة العجل الذهبى ، نعنى أن معبودهم هو القوة أو بالأحرى المال وجمعه. وفى التوراة أن هارون كان من عبدة العجل!! وصنع لبنى إسرائيل عجل الذهب وبنى له مذبحا (خروج ٣٢ / ١ ـ ٥) ، فى جاسان (خروج ٣٢ / ٤) ، وكذلك فعل يربعام بعد انقسام بنى إسرائيل إلى مملكتين ، فبنى تمثالين للعجل ، واحدا فى بيت إيل ، والآخر فى دان (ملوك ١٢ / ٢٦ ـ ٣٣) ، وظل شعب اليهود يعبد العجل ، وأيّد هذه العبادة جميع الملوك الذين تعاقبوا على المملكة الشمالية ما عدا الملك هوشيا ، وتحفل أسفار العبرانيين والنصارى بأوصاف العجول ، كما فى الأمثال (١٤ / ٤) ، وعاموس (٦ / ٤) ، ولوقا (١٥ / ٢٣) ، والعدد (١٩ / ١ ـ ٢٢) ، والرسالة إلى العبرانيين (٩ / ١٣ ـ ١٤) ، والتكوين (١٥ / ٩ ـ ١٧) ؛ ولما أراد إرميا وصف مصر لم تسعفه مخيلته إلا بأن يشبّهها بالعجلة ، ووصف شعب مصر بالعجول الصغيرة (٤٦ / ٢٠ ـ ٢١).
وعجل بنى إسرائيل يأتى عنه فى التوراة (خروج ٣٢ / ٢) أن هارون أمر الإسرائيليين أن ينزع النساء والأطفال حلقات الذهب فى آذانهم ، فأخذها وصهرها وصوّرها فى قالب ، وصنعها عجلا مسبوكا ، وفرح الشعب بأنه أخيرا صار له إله ، لأنه كان يكره المجرّد ويطلب العيانى ، لمادية تفكيره وحبّه لكل ما هو من مادة ، وسرّ هارون سرور الشعب ، فبنى للعجل مذبحا ، وأعلن أن الغد عيد للربّ ، وفى البكور أصعدوا المحرقات وقرّبوا الذبائح ، وجلسوا يأكلون ويشربون ، وقاموا يرقصون ، وكان موسى فى الجبل يتلقى عن ربّه ، وكان من المفروض أن يغيب ثلاثين يوما ولكنه زادها عشرة أيام ، فأمره الربّ أن يعجّل بالهبوط إلى شعبه ، لأنهم قد انحرفوا وكفروا ، وصنعوا عجلا مسبوكا ، وسجدوا له وذبحوا ، وعبدوه إلها. وكان الربّ غاضبا ، وصار موسى يدافع عن الشعب ، ويذكّره بوعده لإبراهيم وإسحاق وإسرائيل لعله يرضى ، ونزل بسرعة ومعه لوحا الشهادة ، وعاد معه يشوع ، ولما دنا من المكان وشاهد العجل والرقص ، غضب ورمى باللوحين وكسرهما ،