يشيد بالقرآن من أجل إيراد هذا العقاب غير الموجود فى أى كتاب من قبل القرآن! قال موسى : (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) (طه ٩٧) ، يعنى أنه صار منبوذا يخشى الناس أن يمسّوه ، وإلّا انتقلت إليهم اللعنة ، فصار يهيم على وجهه ، وكلما اقترب منه أحد قال : «لا مساس» ، أى لا تمسّنى ولا تقترب منى. وهذه الآية صارت مرجع قول الفقهاء بنفى صاحب البدعة. ومن نسل هذا السامرى ومن أتباعه كان السامريون ، وكانت كراهيتهم لليهود وكراهية اليهود لهم. والإنجيل على العكس يقول برواية أخرى عن سامرىّ آخر يناسب أن يجعل من المسيح أعظم الأطباء ، وفيها أن السامرى كان منبوذا لأنه أبرص! (لوقا ١٧ / ١١ ـ ١٩) ، وبديهى أن قصة سامرى موسى بخلاف قصة سامرى المسيح على الأقل بفارق الزمن بين الاثنين. وفى قصة الإنجيل أن المرضى بالبرص كانوا عشرة ، قصدوا المسيح ليبرئهم ، فمسّهم وبرءوا ، فانصرفوا ولم يشكروا ، إلا السامرى ـ وكان منهم ـ فقد عاد إليه يمجّده بصوت عظيم ، وخرّ عند قدميه شاكرا ، وكان كثيرا على المسيح أن لا يمجّده إلا سامرى ، إلا أنه قبل منه الشكر كما فعل مع الكنعانية لمّا أظهرت إيمانها الشديد به كإيمان هذا السامرى ، فقال لها المسيح : إن إيمانك قد خلّصك! فكذلك السامرى ، إيمانه قد خلّصه. فهذه قصة السامرى مع المسيح ولا دخل لها البتة بالقصة قيد التوراة والقرآن.
* * *
٨٤٣. قصة موسى وعبدة العجل
المصريون يعرفون العجل أبيس إله القوة البدنية والجنسية ، والعجل عموما كان معبود الكثير من الشعوب ، ولا يوجد شعب من شعوب الشرق الأوسط إلا وكان من عبدة العجول فى يوم من الأيام ، وفى الهند يعبدون البقرة رمز الخصب التناسلى ، والخصوبة التكاثرية ، والعطاء الأنثوى المتمثّل فى اللبن الغذاء الحيوى ، كقولنا الغذاء الملكى عند النحل. والعبرانيون لمّا كانوا فى أرض جاسان من مصر ، عبدوا العجل ، ليس نقلا عن المصريين وإنما عن الأشوريين الذين كانوا يحكمون جاسان وحكموا مصر كلها أو بعضها فى يوم من الأيام ، والبعض ينسب عبادة العجل فى مصر للآشوريين ، ويقصرها على إقليم جاسان ، والعبرانيون شعب أوثق صلة بالآشوريين منهم بالمصريين ، والطقوس العبادية التى أدخلها موسى الديانة الموسوية طقوس تنتمى للشام وليست لمصر ، ولكى ننبه إلى أصالة عبادة العجل عند الأشوريين وليس عند المصريين ، علينا أن نعرف أن مدنا من مدنهم كانت تنسب لعبادة العجل ، مثل عجلون (بالفتح) ، والاسم يعنى بالعبرية «يلد