مصر ، وكأنه يخاطب بنى إسرائيل ، وبعض المستشرقين لذلك فرحوا بها باعتبار أنها تطعن فى مصر وتصفها بأنها دار الفاسقين. وكذلك ذهب بعض المفسرين هذا المذهب فى التفسير ، إلا أن بنى إسرائيل كانوا قد خرجوا من مصر ، ولم يعد فى الإمكان أن يروها حتى يصفها لهم الله تعالى بأنها دار الفاسقين ، وأنه سيريها لهم ، والخطاب فى الآية للعرب الذين دعاهم النبىّ صلىاللهعليهوسلم إلى الإسلام ، فبعد أن قصّ عليهم قصة بنى إسرائيل مع الفرعون ، ذكّرهم بشيء مشابه : قصّتى عاد وثمود فى أرض العرب ، وآثار هؤلاء ما تزال هناك فى المسافة بين الحجاز والشام ، وهؤلاء هم المعنيون باسم الفاسقين ، ودارهم أو ديارهم ـ بمعنى بلادهم ـ وهى التى يرون آثارها كلما كانوا مسافرين إلى الشام.
* * *
٨٤٢. قصتا سامرىّ موسى وسامرىّ المسيح
قصة السامرى the samaritan فى القرآن ينفرد بها عن التوراة والأناجيل ، فلأول مرة يعترف اليهود بتفوّق القرآن عليهم ، وأنهم قد عرفوا عن طريقه لما ذا كان يهود السامرة منبوذين عندهم؟ ولما ذا يعاملونهم كمنبوذين؟ ولم يكن اليهود يعلمون السبب ، ولم يتضمنه كتابهم ، فأخبرهم القرآن به ، وهم يقتنعون بهذا السبب ويرددونه ، ونبّه إلى ذلك جولدتسيهر ، وجايجر ، وشبيار. وتأتى القصة فى القرآن فى سورة طه ، فى معرض فتنة قوم موسى وهارون ، قال تعالى : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦) قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (٨٩) وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧) إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) (٩٨). وللمفسرين المسلمين تفسيرات عجيبة فى السامرى وديانته وأصله ، وكان الأسهل عليهم لو