وسبعة آلاف وأربعمائة وخمسون ، وذلك لأن كل كلمة لها ظاهر وباطن مما لا نعرف له حدودا. غير أن أم علوم القرآن ثلاثة أقسام : التوحيد ، والتذكير ، والإحكام ؛ فالتوحيد : هو العلم المختص بمعرفة الخلق والخالق بأسمائه وصفاته وأفعاله ؛ والتذكير : هو الوعد والوعيد ؛ والأحكام : هى التشريعات ، والأوامر والنواهى ، ومطلوبات الإيمان والتكاليف على المؤمن ، والعبادات.
وكلّ من هذه الثلاثة يشكل إذن ثلث التفسير ، ولذلك قيل إن الآية : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث القرآن ، أى فى المعنى ، وأما الثلث الثانى فهو التذكير ، والثلث الثالث الأحكام. وجمعت فاتحة الكتاب الأقسام الثلاثة ، ومن ثم كانت جامعة للقرآن ، وأم القرآن ، ففيها من التوحيد الآيات من أولها حتى (يَوْمِ الدِّينِ) ، وفيها من الأحكام : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، وفيها من التذكير (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) إلى آخر السورة ، فصارت الفاتحة بهذا أم الكتاب. وقيل غير ذلك من أقسام القرآن ، ففيه مثلا علم النبوة وبراهينها ، وفيه القصص ، والديانات. وقيل القرآن فيه : إخبار واستخبار ، وإعلام وتنبيه ، وأمر ونهى ، ووعد ووعيد ، ووصف للجنة والنار ، وعلم أسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله ، والإقرار بنعمه ، والجدل مع المنكرين ، والرّد على الملحدين ، وبيان وجوه الخير والشر ، والظلم والعدل ، والحق والباطل ، والحسن والقبيح ، والكون وعظمته واتساعه ، وإعجاز مكوناته ومخلوقاته ، وعلم الإنسان ، وكيف هو ولما ذا كان ، والمعرفة وفضلها ، والحكمة ونعتها ، وتصنيف الناس الى مؤمنين وكافرين ومشركين ، ومتّقين وأبرار ومفسدين وفجّار ، وأحداث التاريخ القديم وإحالاتها على الحاضر والمستقبل ، والساعة وعلاماتها ، والبعث والحساب ، وأحوال الكون والناس فى الآخرة ، والموت والحياة ، وعلوم الأخلاق والجمال والكمال ، والعلم بأسباب النزول ، وبالأمثال ، والألفاظ ، وبالناسخ والمنسوخ ، والمتشابه والمحكم ، ونظم القرآن وأسلوبه ، وإعراب ألفاظه وتصريفها والبحث فى أصولها ، وعلم الاعتبار وهو الاستنباط والاستدلال ، ومن المستحيل إحصاء علوم القرآن ، فهذا شىء لا حدود له ، ويتوقف على ثقافة المحصى ، والقرآن لا يستدرك ، ولا تحصى علومه ، ولا فنونه ، ولا آدابه.
* * *
١٣٠. ترجمة القرآن : هل هى ممكنة؟ وما ذا بشأن اللغة المعجزة فيه؟
لقد ترجم القرآن فعلا إلى خمسين لغة مختلفة ، ولا يرقى هذا العدد إلى ما ترجمت إليه الأناجيل ، فقد قيل أنها ترجمت إلى ١٧٦ لغة ، سواء من اللغات الكبرى المعروفة ، أو