وأخرج الشيخان (١) عنه رضي الله عنه قال : شهدنا خيبر. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لرجل ممن معه يدّعي الإسلام : «هذا من أهل النار».
فلما حضر القتال قاتل الرجل أشدّ القتال حتى كثرت به الجراحة. فكاد بعض الناس يرتاب. فوجد الرجل ألم الجراحة. فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه.
فاشتد رجال من المسلمين فقالوا : يا رسول الله! صدّق الله حديثك. انتحر فلان فقتل نفسه. فقال : قم ، يا فلان ، فأذّن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن. إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر. وهذا لفظ البخاريّ.
وروى أبو داود (٢) عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال : أخبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم برجل قتل نفسه فقال : لا أصلي عليه.
وفي الصحيحين (٣) من حديث جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح. فجزع فأخذ سكينا فحزّ بها يده. فما رقأ الدم حتى مات. قال الله عزوجل : «بادرني عبدي بنفسه ، حرمت عليه الجنة». ولهذا قال تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠)
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي القتل (عُدْواناً وَظُلْماً) أي متعديا فيه ، ظالما في تعاطيه ، أي عالما بتحريمه متجاسرا على انتهاكه (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ) أي ندخله
__________________
(١) أخرجه البخاري في : المغازي ، ٣٨ ـ باب غزوة خيبر ، حديث ١٤٥١.
ومسلم في : الإيمان ، حديث ١٧٨ ، وفيه : شهدنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حنينا. وقال القاضي عياض : صوابه خيبر.
(٢) الحديث لم أجده في سنن أبي داود. ووجدته في صحيح مسلم في : الجنائز ، حديث ١٠٧ ونصه : عن جابر بن سمرة قال : أتي النبيّ صلىاللهعليهوسلم برجل قتل نفسه بمشاقص (والمشاقص سهام عراض ، واحدها مشقص) فلم يصلّ عليه.
(٣) أخرجه البخاريّ في : الأنبياء ، ٥٠ ـ باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، حديث ٧٢٠.
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ١٨٠.