مجاوزتها. (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في قسمة المواريث وغيرها (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي من تحت شجرها ومساكنها (خالِدِينَ فِيها) لا يموتون ولا يخرجون (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) النجاة الوافرة بالجنة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٤)
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في قسمة المواريث وغيرها (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) بتجاوز أحكامه وفرائضه بالميل والجور (يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) أي لكونه غيّر ما حكم الله به ، وضادّ الله في حكمه. وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به. ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم. وقد روى أبو داود (١) في باب (الإضرار في الوصية) من (سننه) عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إن الرجل ليعمل ، أو المرأة ، بطاعة الله ستين سنة. ثم يحضرهما الموت فيضارّان في الوصية. فتجب لهما النار. وقرأ أبو هريرة : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ ...) حتى بلغ ، (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). ورواه الترمذيّ وابن ماجة. ورواه الإمام أحمد (٢) بسياق أتم ولفظه : إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة. فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله ، فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة. فيعدل في وصيته ، فيختم له بخير عمله. فيدخل الجنة. قال ثم يقول أبو هريرة : واقرءوا إن شتم : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ). إلى قوله : (عَذابٌ مُهِينٌ).
ثم بين تعالى بعضا من الأحكام المتعلقة بالنساء ، إثر بيان أحكام المواريث بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (١٥)
__________________
(١) أخرجه أبو داود في : الوصايا ، ٣ ـ باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية ، حديث ٢٨٦٧.
(٢) أخرجه في المسند ٢ / ٢٧٨.