من الأم. وقرأ سعد بن أبي وقاص وغيره من السلف : وله أخ أو أخت من أم. وكذا فسرها أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيما رواه قتادة عنه. قال الكرخيّ : القراءة الشاذة كخبر الآحاد. لأنها ليست من قبل الرأي. وأطلق الشافعيّ الاحتجاج بها ، فيما حكاه البويطيّ عنه ، في باب (الرضاع) وباب (تحريم الجمع) وعليه جمهور أصحابه. لأنها منقولة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم. ولا يلزم من انتفاء خصوص قرآنيتها ، انتفاء خصوص خبريتها. وقال القرطبيّ : أجمع العلماء على أن الإخوة هاهنا هم الإخوة لأم. قال : ولا خلاف بين أهل العلم أن الإخوة للأب والأم ، أو للأب ، ليس ميراثهم هكذا. فدل إجماعهم على أن الإخوة المذكورين في قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ـ هم الإخوة لأبوين ، أو لأب.
لطيفة :
إفراد الضمير في قوله تعالى : (وَلَهُ أَخٌ). إما لعوده على الميت المفهوم من المقام ، أم على واحد منهما ، والتذكير للتغليب. أو على الرجل ، واكتفى بحكمه عن حكم المرأة لدلالة العطف على تشاركهما فيه (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) حال من ضمير (يُوصى) (على قراءته مبنيا للفاعل) أي غير مدخل الضرر على الورثة. كأن يوصي بأكثر من الثلث. ومن فاعل فعل مضمر يدل عليه المذكور (على قراءته مبنيا للمجهول) وتخصيص هذا القيد بهذا المقام ، لما أن الورثة مظنة لتفريط الميت في حقهم. وقد روى ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس مرفوعا : الضرار في الوصية من الكبائر. ورواه النسائيّ في (سننه) عن ابن عباس موقوفا. وهو الصحيح كما قال ابن جرير (وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) مصدر مؤكد لفعل محذوف. وتنوينه للتفخيم. كقوله : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ). أو منصوب ب (غير مضار) على أنه مفعول به. فإنه اسم فاعل معتمد على ذي الحال. أو منفي معنى. فيعمل في المفعول الصريح. ويعضده القراءة بالإضافة. أي غير مضار لوصية الله وعهده في شأن الورثة (وَاللهُ عَلِيمٌ) بالمضار وغيره (حَلِيمٌ) لا يعاجل بالعقوبة ، فلا يغتر بالإمهال.
القول في تأويل قوله تعالى :
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٣)
(تِلْكَ) الأحكام (حُدُودُ اللهِ) أحكامه وفرائضه المحدودة التي لا تجوز