للزيارة بالنسك المعروف. وكسر الحاء وفتحها لغتان ، وهما قراءتان سبعيتان ، وفي الآية مباحث :
الأول : في إعرابها قال أبو السعود في صدر الآية : جملة من مبتدأ هو (حِجُّ الْبَيْتِ) وخبر هو (لِلَّهِ) وقوله تعالى (عَلَى النَّاسِ) متعلق بما تعلق به الخبر من الاستقرار ، أو بمحذوف هو حال من الضمير المستكن في الجار ، والعامل فيه ذلك الاستقرار ، ويجوز أن يكون (عَلَى النَّاسِ) هو الخبر ، و (لِلَّهِ) متعلق بما تعلق به الخبر. ثم قال في قوله تعالى (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) في محل الخبر على أنه بدل من (النَّاسِ) بدل البعض من الكل مخصص لعمومه ، فالضمير العائد إلى المبدل منه محذوف ، أي (من استطاع منهم) ، وقيل بدل الكل على أن المراد بالناس هو البعض المستطيع ، فلا حاجة إلى الضمير ، وقيل في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ مضمر ، أي هم من استطاع ، وقيل في حيز النصب بتقدير أعني.
الثاني : هذه الآية هي آية وجوب الحج عند الجمهور ، وقيل بل هي قوله (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) [البقرة : ١٩٦] ، والأول أظهر. وفي فتح البيان : اللام في قوله (لِلَّهِ) هي التي يقال لها لام الإيجاب والإلزام ، ثم زاد هذا المعنى تأكيدا حرف (عَلَى) فإنه من أوضح الدلالات على الوجوب عند العرب ، كما إذا قال القائل : لفلان عليّ كذا. فذكره الله سبحانه بأبلغ ما يدل على الوجوب تأكيدا لحقه ، وتعظيما لحرمته. وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده ، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا.
الثالث : يجب الحج على المكلف في العمر مرة واحدة. بالنص والإجماع ؛ روى الإمام أحمد ومسلم (١) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «أيها الناس إنه فرض الله عليكم الحج فحجوا. فقال رجل : أكل عام يا رسول الله؟ فسكت. حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. ثم قال : ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه». وروى الإمام أحمد وأبو داود (٢) والنسائيّ وغيرهم عن ابن عباس قال :
__________________
(١) أخرجه مسلم في : الحج ، حديث ٤١٢.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند ، حديث ٢٣٠٤.
وأبو داود في : المناسك ، ١ ـ باب فرض الحج ، حديث ١٧٢١.