حتى تذوق وطء زوج آخر ، وهي العسيلة التي صرح بها النبيّ صلىاللهعليهوسلم في نكاح صحيح. وفي جعل هذا غاية للحلّ ، زجر لمن له غرض مّا في امرأته عن طلاقها ثلاثا ، لأنّ كلّ ذي مروءة يكره أن يفترش امرأته آخر.
فروع مهمة تتعلق بهذه الآية
الأول : قال الإمام ابن القيّم في (زاد المعاد) : حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المطلقة ثلاثا لا تحل للأول حتى يطأها الزوج الثاني. ثبت في (الصحيحين) (١) عن عائشة رضي الله عنها : «أن امرأة رفاعة القرظيّ جاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله! إنّ رفاعة طلقني فبتّ طلاقي. وإني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظيّ وإن ما معه مثل الهدبة! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا. حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك». وفي (سنن النسائيّ) (٢) : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «العسيلة الجماع ولو لم ينزل». وفيها (٣) عن ابن عمر قال : «سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الرجل يطلّق امرأته ثلاثا فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها؟ قال : لا تحلّ للأول حتى يجامعها الآخر». فتضمن هذا الحكم أمورا :
أحدها : أنه لا يقبل قول المرأة على الرجل : أنه لا يقدر على جماعها.
الثاني : أن إصابة الزوج الثاني شرط في حلها للأول ، خلافا لمن اكتفى بمجرد العقد فإنّ قوله مردود بالسنة التي لا مردّ لها.
الثالث : أنه لا يشترط الإنزال بل يكفي مجرد الجماع الذي هو ذوق العسيلة.
الرابع : أنه صلىاللهعليهوسلم لم يجعل مجرد العقد المقصود ـ الذي هو نكاح رغبة ـ كافيا ، ولا اتصال الخلوة به وإغلاق الأبواب وإرخاء الستور حتى يتصل به الوطء ..!
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الطلاق ، ٤ ـ باب من أجاز طلاق الثلاث ، حديث ١٢٨١.
ومسلم في : النكاح ، حديث ١١١.
(٢) لم أجد هذا النص في السنن التي تحت يدي وإنما الذي وجدته وفيه ذكر العسيلة هو هذا الحديث : عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن رجل طلق امرأته فتزوجت زوجا غيره. فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها ، أتحلّ للأول؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا. حتى يذوق الآخر عسيلتها وتذوق عسيلته». وهو في : الطلاق ، ٩ ـ باب الطلاق للتي تنكح زوجا ثم لا يدخل به.
(٣) أخرجه النسائيّ في : الطلاق ، ١٢ ـ باب إحلال المطلقة ثلاثا ، والنكاح الذي يحلها به.