نندفع ولا نتهور ، ولا نتصرف تصرفا نندم عليه بعد أن يسبق السيف العذل ، فانه أيضا يدعو الى الانتفاع بالبينات ومظاهر التبيين ، لكي نحسن التمييز بين الحق والباطل ، وبين الخير والشر ، وبين الضلال والهدى ، ولذلك ينعي أشد النعي على أولئك الذين لا يتبينون أو لا ينتفعون بثمرة التبين بعد أن تجلى لهم التبيان ، ولذلك يقول في سورة النساء :
«وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً»(١).
ويقول في سورة محمد :
«إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ»(٢).
ويقول في السورة ذاتها :
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ»(٣) ...
وقد وصف القرآن رسول الله بأنه «البيّنة» فقال :
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ١١٥.
(٢) سورة محمد ، الآية ٢٥.
(٣) سورة محمد ، الآية ٣٢.