بساط الارض مؤمن صادق لا تأخذه في الله لومة لائم ، فمن سعى في تلافي هذه الفترة ، وسد هذه الثلمة ، اما متكفلا بعملها ، أو متقلدا تنفيذها ، مجددا لهذه السنة الدائرة ، ناهضا بأعبائها ، ومشمرا في احيائها ، كان مستأثرا من بين الخلق باحياء سنة أفضى الزمان الى اماتتها ، ومستبدا بقربة تتضاءل درجات القرب دون ذروتها».
والقرآن يطالب الامة المؤمنة بأن تكون أمة الخير والامر بالمعروف ، فيقول في سورة آل عمران :
«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(١).
أي : لتكونوا كلكم أمة تتصف بهذه الفضائل ، ولذلك رجح الامام محمد عبده أن الامر هنا عام يشمل الامة كلها ، ولا يقتصر على طائفة منها أو مجموعة ، كما يذهب الى ذلك بعض المفسرين ، ويدل على العموم قول الله تبارك وتعالى : «وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ».
وعلى هذا يكون التقدير ، فلتوجد منكم وبكم وفيكم أمة داعية الى الخير ، آمرة بالمعروف ، ناهية عن المنكر ، وهذا يشمل كل قادر على أقل نقدير.
وكتاب الله العزيز قد جعل فضيلة الامر بالمعروف احدى صفات الامة التي نعتها ربها بأنها خير أمة ، فقال في سورة آل عمران :
«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٠٤.