مخصوصة ، كما قال : (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) والله أعلم».
ونستطيع أن نقول ان الآية الكريمة السابقة كأنها تقرر أن الداعي الى سبيل الله ، لا يدعو لغرض ولا لمرض ، ولا لجنسية أو عصبية ، ولا لمأرب أو مطلب ، وانما هو يدعو الى سبيل ربه ، وابتغاء وجهه ، وتطلعا الى مرضاته ورضوانه ، وهو حين يدعو يدعو على بصيرة ، فهو ـ كما ذكر العلماء ـ يدرس ظروف المدعوين ونفسياتهم ، ويتعرف ما يناسبهم من الدعوة والنصيحة ، ويختار الطريقة التي توائم وتلائم. وهو يسير في دعوته الى الخير على بصر وحذر وحكمة.
وهو أيضا في دعوته الى الخير يختار الموعظة الحسنة التي تتألف القلوب ، وتستهوي النفوس ، وتخالط المشاعر برفق ولطف ، وهو يجادل من يتطلب المجادلة بالطريقة المثلى التي هي أحسن أنواع الجدال ، فهو لا يتحامل ولا يتعنت ولا يقسو ، وهو لا يحرص على الغلبة والانتصار ، بل كل همه هو الاهتداء الى الحق والانتهاء الى الخير.
* * *
والقرآن الكريم يرسم الطريقة المثلى للين الدعوة الى الخير حين يقول لموسى وهارون في سورة طه :
«اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي ، اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ، قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا