إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ ، وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ ، فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ»(١).
* * *
ومجال الدعوة الى الخير واسع فسيح ، يشمل الدعوة الى الاسلام ، لأنه هدى الله لعباده ، ويشمل الدعوة الى الطهارة والاخلاص في القول والعمل ، ويشمل الدعوة الى مقاومة الأهواء والشهوات ، ويشمل الدعوة الى ما فيه مصلحة الفرد والجماعة.
وهذه الدعوة قد تأخذ شكلا عاما ، كالدعوة التي تقوم بها الأمة المؤمنة لغيرها من الأمم ، عن طريق هيئات الارشاد وجماعات النصح والتوجيه ، وقد تكون هذه الدعوة خاصة يقوم بها فرد لفرد ، أو فرد لجماعة ، وقد تكون بين الغرباء ، وقد تكون بين الاخوة أو الاصدقاء ، وها هو ذا الغزالي يقرر أن من حقوق الاخوة عليك أن تدعو أخاك الى الخير ، ويرسم الطريق الى ذلك ، ويحذر من بعض معاطيه ، ليسلم السائر فيه ، ويقول فيما يقول :
«فليست حاجة أخيك الى العلم بأقل من حاجته الى المال ، فان كنت غنيا بالعلم فعليك مواساته من فضلك ، وارشاده الى كل ما ينفعه في الدين والدنيا ، فان علّمته وأرشدته ، ولم يعمل بمقتضى العلم ، فعليك النصيحة ، وذلك بأن تذكر آفات ذلك الفعل ، وفوائد تركه ، وتخوفه بما يكرهه في الدنيا والآخرة ، لينزجر عنه ، وتنبهه على عيوبه ، وتقبّح القبيح في عينه ، وتحسّن الحسن.
__________________
(١) سورة غافر ، الآيات ٤١ ـ ٤٤.