«لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ»(١).
وانما الفرح الحقيقي العظيم المحمود هو فرحة المؤمن بفضل ربه ونعمته ، ولذلك يقول التنزيل المجيد :
«قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»(٢).
وحين نعقل هذه الحقائق التي سلفت يتأكد لدينا أن تحلي الانسان بفضيلة المجاهدة واجب ثقيل وهدف جميل. ولقد تحدث القرآن الحكيم عن هذه «المجاهدة» في أكثر من موطن ، فهو يقول في سورة الحج :
«وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ»(٣).
أي جاهدوا في ذاته ، ومن أجله ، حق جهادكم فيه فلا تفعلوا هذا الجهاد رغبة في الدنيا ، ولكن لابتغاء وجه الله. وقد فسّر ابن عباس هذه الآية بقوله : «لا تخافوا في الله لومة لائم». وفسرها الضحاك بقوله : «اعملوا لله حقّ عمله». وقيل ان المعنى : استفرغوا وسعكم في احياء دين الله ، واقامة حقوقه ، وردوا أنفسكم عن الهوى والميل. وقال عبد الله بن المبارك : ان حق الجهاد هو مجاهدة النفس والهوى. ولذلك قيل ان الرسول صلىاللهعليهوسلم حينما رجع من غزوة تبوك قال : رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر ، وهو يعني بهذا ـ اذا صحت الرواية ـ مجاهدة النفس.
__________________
(١) سورة القصص ، الآية ٧٦.
(٢) سورة يونس ، الآية ٥٨.
(٣) سورة الحج ، الآية ٧٨.