(اللهم) في مواضع قليلة ، ولمعان اقتضتها الأحوال.
ومنها : تقديم الوسيلة بين يدي الطلب كقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُاهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٥ ـ ٦] الآية (رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا) [آل عمران : ١٦] (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ) [آل عمران : ٥٣] (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ) [آل عمران : ١٩١] ، (رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً) [يونس : ٨٨] الآية. (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ) إلى قوله : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) [نوح : ٢١] ، (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) [البقرة : ١٢٧] إلى غير ذلك من الآداب التي تؤخذ من مجرد التقرير.
والحاصل أن القرآن احتوى ، من هذا النوع ، من الفوائد والمحاسن التي تقتضيها القواعد الشرعية ، على كثير يشهد بها شاهد الاعتبار ، ويصححها نصوص الآيات والأخبار.
وقسم هو المقصود الأول بالذكر ، وهو الذي نبه عليه العلماء وعرفوه مأخوذا من نصوص الكتاب ، منطوقها ومفهومها ، على حسب ما أداه اللسان العربيّ فيه. وذلك أنه محتو من العلوم على ثلاثة أجناس هي المقصود الأول.
أحدها ـ معرفة المتوجّه إليه وهو الله المعبود ، سبحانه.
والثاني ـ معرفة كيفية التوجه إليه.
والثالث ـ معرفة مآل العبد ليخاف الله به ويرجوه.
وهذه الأجناس الثلاثة داخلة تحت جنس واحد هو المقصود الذي عبر عنه قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦] فالعبادة هي المطلوب الأول. غير أنه لا يمكن إلا بمعرفة المعبود. إذ المجهول لا يتوجّه إليه ولا يقصد بعبادة ولا بغيرها. فإذا عرف ، ومن جملة المعرفة به أنه آمر وناه وطالب للعباد بقيامهم بحقه ، توجه الطلب. إلا أنه لا يتأتى دون معرفة كيفية التعبد ، فجيء بالجنس الثاني. ولما كانت النفوس من شأنها طلب النتائج والمآلات ، وكان مآل الأعمال عائدا على العاملين بحسب ما كان منهم من طاعة أو معصية ، وانجرّ ، مع ذلك ، التبشير والإنذار في ذكرها ـ أتى بالجنس الثالث موضحا لهذا الطرف ، وأن الدنيا ليست بدار إقامة ، وإنما الإقامة في الدار الآخرة.
فالأول ـ يدخل تحته علم الذات والصفات والأفعال. ويتعلق بالنظر في