عند آل يعقوب. وروي أنه كان بعد ذلك إذا تغدّى أمر من ينادي : من أراد الغداء فليأت يعقوب ، وإذا أفطر أمر من ينادي : من أراد أن يفطر فليأت يعقوب : فكان يتغدى ويتعشى مع المساكين. وعن وهب بن منبه قال : لما أوحى الله تعالى إلى يعقوب : أتدري لم عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة؟ قال : لا [يا إلهي قال](١) : لأنك قد شويت عناقا وقترت على جارك ، وأكلت ولم تطعمه.
وروي : أن سبب ابتلاء يعقوب أنه ذبح عجلا بين يدي أمه وهي تخور.
وقال وهب والسدي وغيرهما : أتى جبريل إلى يوسف في السجن فقال [له](٢) : هل تعرفني أيها الصديق؟ قال : أرى صورة طاهرة وريحا طيبة ، قال : إني رسول ربّ العالمين وأنا الروح الأمين ، قال : فما أدخلك مدخل المذنبين وأنت أطيب الطيّبين ورأس المقرّبين وأمين رب العالمين؟ قال : ألم تعلم يا يوسف أن الله تعالى يطهّر البيوت بطهر النبيّين ، وأن الأرض التي يدخلونها هي أطهر الأراضين ، وأن الله تعالى قد طهّر بك السجن وما حوله يا طاهر الطاهرين وابن الصالحين المخلصين ، قال : كيف لي باسم الصديقين وتعدّني من المخلصين الطاهرين ، وقد أدخلت مدخل المذنبين وسمّيت باسم الفاسقين؟ قال جبريل : لأنه لم يفتتن قلبك ولم تطع سيدتك في معصية ربّك لذلك سمّاك الله في الصدّيقين ، وعدّك من المخلصين ، وألحقك بآبائك الصالحين ، قال يوسف : هل لك علم بيعقوب أيها الروح الأمين؟ قال : نعم ، وهبه الله الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم ، قال : فكم قدّر حزنه؟ قال : حزن سبعين ثكلى ، قال : فما ذا (٣) له من الأجر يا جبريل؟ قال : أجر مائة شهيد ، قال : أفتراني لاقيه؟ قال : نعم ، فطابت نفسه ، وقال : ما أبالي بما لقيت إن رأيته. قوله تعالى : (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ، يعني : أعلم من حياة يوسف ما لا تعلمون.
روي أن ملك الموت زار يعقوب [عليه الصّلاة والسّلام] فقال له : أيّها الملك الطيّب ريحه ، الحسن صورته ، هل قبضت روح ولدي في الأرواح؟ قال : لا ، فسكن يعقوب وطمع في رؤيته ، وقيل : وأعلم أن رؤيا [ولدي](٤) يوسف صادقة وإني وأنتم سنسجد له.
وقال السدي : لما أخبره ولده بسيرة الملك أحسّت نفس يعقوب فطمع وقال لعله يوسف ، فقال : يا بنيّ اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه.
وروي عن عبد الله بن يزيد بن أبي فروة : أن يعقوب عليهالسلام كتب كتابا إلى يوسف عليهالسلام حين حبس بنيامين : من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى ملك مصر ، أمّا بعد ، فإنّا أهل بيت وكّل بنا البلاء أمّا جدي إبراهيم فشدّت يداه ورجلاه وألقي في النار ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وأما أبي فشدّت يداه ورجلاه ووضع السكين على قفاه ، ففداه الله ، وأما أنا فكان لي ابن وكان أحبّ أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية ثم أتوني بقميصه ملطخا بالدم ، فقالوا : قد أكله الذئب ، فذهبت عيناي من البكاء عليه ، ثم كان لي ابن وكان أخاه من أمه ، وكنت أتسلى به وإنك حبسته وزعمت أنه سرق ، وإنّا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا ، فإن رددته إلي [أقرّ الله عينيك ولا أحزن قلبك](٥) وإلّا دعوت عليك دعوة تردك السابع من ولدك ، فلما قرأ يوسف الكتاب لم يتمالك البكاء
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «فما زاد» والمثبت عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.