رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا ، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة (١) ، فقالوا : أوّلوها له يفقهها ، قال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان ، فقالوا : فالدار الجنّة والداعي محمد صلىاللهعليهوسلم ، فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله ، ومن عصى محمدا فقد عصى الله ، ومحمد فرق بين الناس.
(وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، فالصراط المستقيم هو الإسلام عمّ بالدعوة لإظهار الحجّة ، وخصّ بالهداية استغناء عن الخلق.
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨))
قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) ، أي : للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى ، وهي الجنّة وزيادة وهي النظر إلى وجه الله الكريم ، وهذا قول جماعة من الصحابة ، منهم أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه وحذيفة وأبو موسى وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم ، وهو قول الحسن وعكرمة وعطاء ومقاتل والضحاك والسدي.
[١١٤٩] أخبرنا أبو سعيد أحمد بن [محمد بن](٢) العباس الحميدي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن [عبد الله الحافظ أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم إملاء حدثنا أبو بكر محمد بن](٣) إسحاق الصنعاني حدثنا الأسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت يعني البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب رضي الله عنه قال :
قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) ، قال : «إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار نادى مناد : يا أهل الجنة إنّ لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه ، قالوا : ما هذا الموعد؟ ألم يثقّل موازيننا ويبيّض وجوهنا ويدخلنا الجنّة ويجرنا من النّار؟ قال : فيرفع الحجاب فينظرون إلى وجه الله عزوجل ، قال : فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إليه».
وروي عن ابن عباس : أنّ الحسنى هي : أنّ الحسنة بمثلها والزيادة هي التضعيف عشرة أمثالها إلى
__________________
[١١٤٩] ـ صحيح. إسناده صحيح الأسود فمن فوقه رجال البخاري ومسلم سوى حماد بن سلمة فإنه من رجال مسلم.
ثابت هو ابن أسلم.
وهو في «شرح السنة» ٤٢٨٩ بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ١٨١ والترمذي ٢٥٥٢ و ٣١٠٥ وابن ماجه ١٨٧ وأحمد (٤ / ٣٣٢ و ٣٣٣) والطيالسي ١٣١٥ وأبو عوانة (١ / ١٥٦) وابن أبي عاصم في «السنة» ٤٧٢ والآجري في «التصديق بالنظر» ٣٤ و ٣٥ و ٣٦ وابن حبان ٧٤٤١ وابن مندة ٧٨٢ و ٧٨٤ و ٨٧٥ و ٧٨٦ واللالكائي «أصول الاعتقاد» ٧٧٨ و ٨٣٣ والبيهقي في «البعث والنشور» ٤٤٦ وفي «الاعتقاد» ص ١٢٤ من طرق عن حماد بن سلمة به.
__________________
(١) في المخطوط «المائدة».
(٢) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من المخطوط.