وعده ، وإنا رأيناهم فكانت أجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة ، فلا تخشوهم ، (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، فأراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة وعصوهما.
(قالُوا يا مُوسى
إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ
فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ).
[٧٧٧] أخبرنا
عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف
أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو نعيم أنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال :
سمعت ابن مسعود يقول : لقد شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحبّ
إليّ مما عدل به ، أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو يدعو على المشركين ، فقال : لا نقول كما قال قوم
موسى عليهالسلام : (فَاذْهَبْ أَنْتَ
وَرَبُّكَ فَقاتِلا) ، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك ومن خلفك ،
فرأيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم أشرق وجهه وسرّه ما قال.
فلما فعلت بنو
إسرائيل ما فعلت من مخالفتهم أمر ربهم وهمّهم بيوشع وكالب غضب موسى عليهالسلام ودعا عليهم.
(قالَ رَبِّ إِنِّي لا
أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) ، قيل معناه : لا يملك إلا نفسه ، وقيل : معناه لا
يطيعني إلا نفسي وأخي ، (فَافْرُقْ) ، فافصل ، (بَيْنَنا) [و] قيل : فاقض بيننا (وَبَيْنَ الْقَوْمِ
الْفاسِقِينَ) ، العاصين.
(قالَ) الله تعالى : (فَإِنَّها
مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) ، قيل : هاهنا تمّ الكلام ومعناه تلك البلدة محرمة
عليهم أبدا لم يرد به تحريم تعبّد ، وإنما أراد تحريم منع فأوحى الله تعالى إلى
موسى [بي حلفت] لأحرمنّ عليهم دخول الأرض المقدّسة غير عبدي يوشع وكالب
، ولآتينّهم في هذه البرية (أَرْبَعِينَ سَنَةً) ، مكان كل يوم من الأيام التي تجسّسوا فيها سنة ولألقين
جيفهم في هذه القفار ، وأمّا بنوهم الذين لم يعملوا الشر فيدخلونها ، فذلك قوله
تعالى : (فَإِنَّها
مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً) ، (يَتِيهُونَ) ، يتحيّرون ، (فِي الْأَرْضِ فَلا
تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ، أي : لا تحزن على مثل هؤلاء القوم ، فلبثوا أربعين
سنة في ستة فراسخ وهم ستمائة ألف مقاتل ، وكانوا يسيرون كل يوم جادين فإذا أمسوا
كانوا في الموضع الذي ارتحلوا عنه ، وقيل : إن موسى وهارون عليهماالسلام لم يكونا فيهم ، والأصح أنهما كانا فيهم ولم يكن لهما
عقوبة إنما كانت العقوبة لأولئك القوم ، ومات في التيه كل من دخلها ممن جاوز عشرين
سنة غير يوشع وكالب ، ولم يدخل أريحا أحد ممن قالوا : إنا لن ندخلها أبدا فلما
هلكوا وانقضت الأربعون سنة ، ونشأت النواشئ من ذراريهم ساروا إلى حرب الجبارين ،
واختلفوا فيمن تولى تلك الحرب وعلى يدي من كان الفتح ، فقال قوم : إنما فتح موسى
أريحا وكان يوشع على مقدمته ، فسار موسى عليهالسلام إليهم بمن بقي من بني إسرائيل ، فدخلها يوشع وقاتل
الجبابرة ثم دخلها موسى عليهالسلام فأقام فيها ما شاء الله تعالى ، ثم
__________________
__________________