من لا يرى القراءة خلف الإمام بظاهر هذه الآية ، ومن أوجبها قال الآية في غير الفاتحة وإذا قرأ الفاتحة يتبع سكتات الإمام ولا ينازع الإمام في القراءة ، والدليل عليه ما :
[٩٦٥] أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبّي (١) ثنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ثنا أبو العباس المحبوبي ثنا أبو عيسى الترمذي ثنا هناد ثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال :
صلّى النبيّ صلىاللهعليهوسلم الصبح فثقلت عليه القراءة ، فلما انصرف قال : «إني أراكم تقرءون وراء إمامكم»؟ قال : قلنا : يا رسول الله إي والله ، قال : «لا تفعلوا إلّا بأمّ القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها».
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥))
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) ، قال ابن عباس : يعني بالذكر : القراءة في الصلاة ، يريد يقرأ سرّا في نفسه ، (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) ، خوفا ، أي : تتضرّع إلي وتخاف مني هذا في صلاة السرّ. وقوله : (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) ، أراد في صلاة الجهر لا تجهر جهرا شديدا بل في خفض وسكون ، تسمع من خلفك. وقال مجاهد وابن جريج : أمر (١) أن يذكروه في الصدور بالتضرّع إليه في الدعاء والاستكانة ، دون رفع الصوت والصياح بالدعاء. (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) ، أي : بالبكرات (٢) والعشيات ، واحد الآصال (٣) : أصيل ، مثل يمين وأيمان ، وهو ما بين العصر والمغرب.
(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦))
. (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) ، يعني الملائكة المقرّبين بالفضل والكرامة ، (لا يَسْتَكْبِرُونَ) ، لا يتكبّرون ،
__________________
[٩٦٥] ـ حديث صحيح. إسناده حسن ، رجاله ثقات ، ابن إسحاق صرح بالتحديث عند ابن حبان ١٧٨٥ وفي بعض الروايات ، وقد توبع ، وللحديث طرق وشواهد.
وهو في «شرح السنة» ٦٠٧ بهذا الإسناد ، وهو في «سنن الترمذي» ٣١١ عن هناد به.
وأخرجه أبو داود ٨٢٣ والدار قطني (١ / ٣١٨) والحاكم (١ / ٢٣٨) وابن حبان ١٧٨٥ والبيهقي في «جزء القراءة خلف الإمام» ص ٣٧ من طرق عن محمد بن إسحاق به.
وأخرجه أبو داود ٨٢٤ والدار قطني (١ / ٣١٩ و ٣٢٠) والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» ص ٣٦ و ٣٧ وفي «السنن» (٢ / ١٦٤) من طريق زيد بن واقد عن مكحول به.
وأخرجه أحمد (٥ / ٣١٦) والدارقطني (١ / ٣١٩) والطحاوي في «المعاني» (١ / ٣١٥) وابن حبان ١٧٩٢ والبيهقي في «القراءة خلف الإمام» ص ٣٦ من طريق يزيد بن هارون عن ابن إسحاق به.
وأخرجه ابن خزيمة ١٥٨١ وابن حبان ١٨٤٨ من طريق عبد الأعلى عن ابن إسحاق به.
وورد بنحوه من وجه آخر من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن محمود بن الربيع به.
أخرجه مسلم ٣٩٤ ح ٣٧ وأحمد (٥ / ٣٢٢) وأبو عوانة (٢ / ١٢٤) وابن حبان ١٧٨٦ والبيهقي (٢ / ٣٧٤) والبغوي في «شرح السنة» ٥٧٧ وهو في «المصنف» برقم : ٢٦٢٣.
وفي الباب من حديث أبي هريرة عند الطحاوي (١ / ٢١٦) وأحمد (٢ / ٤٧٨) وأبي عوانة (٢ / ١٢٧) وابن حبان ١٧٨٩ و ١٧٩٤.
(١) وقع في الأصل «المضبي» وهو تصحيف.
__________________
(١) في المخطوط «أمروا».
(٢) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع وط «بالبكر».
(٣) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع وط «آصال».