نزغ نخسة. والنزغ من الشيطان الوسوسة. وقال الزجاج : النزغ أدنى حركة تكون من الآدمي ، ومن الشيطان أدنى وسوسة.
[٩٦٣] وقال عبد الرحمن بن زيد : لما نزلت هذه الآية : (خُذِ الْعَفْوَ) ، قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «كيف يا رب والغضب» ، فنزل : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) ، أي : استجر بالله (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) ، يعني المؤمنين ، (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) ، قرأ ابن كثير وأهل البصرة والكسائي : طيف ، وقرأ الآخرون طائفة بالمد والهمز وهما لغتان كالميت والمائت ، ومعناهما : الشيء يلمّ بك. وفرّق قوم بينهما ، فقال أبو عمرو : الطائف ما يطوف حول الشيء ، والطيف : اللمّة والوسوسة. وقيل : الطائف ما يطوف بك (١) من وسوسة الشيطان ، والطيف : اللمم والمسّ. (تَذَكَّرُوا) عرفوا ، قال سعيد بن جبير : هو الرجل يغضب الغضبة فيذكر الله تعالى فيكظم الغيظ. وقال مجاهد : الرجل يهمّ بالذنب فيذكر الله فيدعه. (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) ، أي : يبصرون مواقع خطاياهم بالتذكّر والتفكّر. قال السدي : إذا زلّوا تابوا. وقال مقاتل : إن المتقي إذا أصابه (٢) نزغ من الشيطان تذكر وعرف أنه معصية ، فأبصر فنزغ عن مخالفة الله.
(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣) وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤))
قوله : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ) ، يعني : إخوان الشياطين من المشركين يمدونهم ، أي : يمدّهم الشيطان. قال الكلبي : لكل كافر أخ من الشياطين. (فِي الغَيِ) ، أي : يطلبون لهم الإغواء حتى يستمروا عليه. وقيل : يزيدونهم في الضلالة. وقرأ أهل المدينة : (يَمُدُّونَهُمْ) بضم الياء وكسر الميم من الإمداد ، والآخرون بفتح الياء وضم الميم وهما لغتان بمعنى واحد. (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) ، أي : لا يكفّون. قال الضحاك ومقاتل : يعني المشركين لا يقصرون عن الضلالة ولا يبصرونها ، بخلاف ما قال في المؤمنين : (تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ). قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا الإنس يقصرون عمّا يعملون من السيّئات ولا الشياطين يمسكون عنهم ، فعلى هذا قوله : (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) من فعل المشركين والشياطين جميعا.
(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ) ، يعني : إذا لم تأت المشركين بآية ، (قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) ، هلّا افتعلتها وأنشأتها من قبل نفسك واختيارك؟ تقول العرب : اجتبيت الكلام إذا اختلقته. قال الكلبي : كان أهل مكة يسألون النبيّ صلىاللهعليهوسلم الآيات تعنّتا فإذا تأخرت [اتهموه](٣) قالوا : (لَوْ لا اجْتَبَيْتَها)؟ أي : هلّا أحدثتها وأنشأتها من عندك؟ (قُلْ) لهم يا محمد (إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) ، ثم قال : (هذا) ، يعني :
__________________
[٩٦٣] ـ ضعيف جدا. أخرجه الطبري ١٥٥٦٤ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهذا معضل ، ومع ذلك ابن زيد ضعيف ليس بشيء إن وصل الحديث فكيف إذا أرسله؟!.
__________________
(١) في المطبوع وط «طاف به».
(٢) في المخطوط «مسه».
(٣) زيادة عن المخطوط وط.