قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه».
قوله تعالى : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) ، يقال : لهث الكلب يلهث لهثا إذا ولغ (١) بلسانه. قال مجاهد : هو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به. والمعنى : إن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر وإن تركته لم يهتد ، فالحالتان عنده سواء كحالتي الكلب إن طرد وحمل عليه بالطرد كان لاهثا وإن ترك وربض كان لاهثا. قال [القتيبي](٢) : كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال وحال الراحة وفي حال العطش ، فضربه الله مثلا لمن كذّب بآياته ، فقال : إن وعظته فهو ضال وإن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث ، وإن تركته على حاله لهث ، نظيره قوله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣)) [الأعراف : ١٩٣] ، ثم عمّ بهذا التمثيل جميع من يكذب بآيات الله ، فقال : (ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ، وقيل : هذا مثل (٣) لكفار مكة وذلك أنهم كانوا يتمنّون هاديا يهديهم ويدعوهم إلى طاعة الله ، فلما جاءهم نبيّ لا يشكّون في صدقه كذّبوه فلم يهتدوا وتركوا أو دعوا.
(ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧) مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٧٨))
(ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) ، أي : بئس مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا ، وتقديره : ساء مثلا مثل القوم ، فحذف مثل وأقيم (٤) القوم مقامه فرفع ، (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ).
(مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٧٨)).
(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩) وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠))
(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) ، أخبر الله تعالى أنه خلق كثيرا من الجنّ والإنس للنار وهم الذين حقّت عليهم الكلمة الأزليّة بالشقاوة ، ومن خلقه الله لجهنم فلا حيلة له في الخلاص منها.
[٩٥٣] أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد بن [علي الصيرفي أنا أبو محمد الحسن بن أحمد
__________________
[٩٥٣] ـ حديث صحيح ، موسى توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال مسلم ، لكن طلحة فيه لين. وللحديث شواهد.
وهو في «شرح السنة» ٧٧ بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ٢٦٦٢ ح ٣١ وأبو داود ٤٧١٣ والنسائي (٤ / ٥٧) وابن ماجه ٨٢ وأبو يعلى ٤٥٥٣ وأحمد (٦ / ٤١ و ٢٠٨) من طرق عن طلحة بن يحيى به.
وأخرجه مسلم ٢٦٦٢ وابن حبان ١٣٨ من طريق العلاء بن المسيب عن فضيل بن عمرو عن عائشة بنت طلحة به.
وانظر الحديث المتقدم برقم : ٩٥٠.
__________________
(١) تصحف في المطبوع «أدلغ».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المخطوط «مثال».
(٤) في المخطوط «وأقام».