فكشف الله عنهم الجراد بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت ، وفي الخبر :
[٩٣٧] «مكتوب على صدر كل جرادة جند الله الأعظم». ويقال : إن موسى برز إلى الفضاء فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت الجراد من حيث جاءت ، وكانت قد بقيت من زرعهم وغلاتهم بقية ، فقالوا : قد بقي لنا ما هو كافينا فما نحن بتاركي ديننا ، فلم يفوا بما عاهدوا وعادوا إلى أعمالهم السوء فأقاموا شهرا في عافية ، ثم بعث الله عليهم القمل. واختلفوا في القمل ، فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : القمل السوس الذي يخرج من الحنطة. وقال مجاهد والسدي وقتادة والكلبي : القمل الدبى والجراد الطيارة التي لها أجنحة ، والدبى الصغار التي لا أجنحة لها. وقال [عكرمة : هي بنات](١) الجراد. وقال أبو عبيدة : وهو الحمنان وهو ضرب من القراد. وقال عطاء الخراساني : هو القمل. وبه قرأ الحسن «القمل» بفتح القاف وسكون الميم ، قالوا (٢) : أمر الله موسى أن يمشي إلى كثيب أعفر بقرية من قرى مصر تدعى عين شمس ، فمشى موسى إلى ذلك الكثيب وكان أهيل فضربه بعصاه فانسال (٣) عليهم القمل ، فتتبع ما بقي من حروثهم وأشجارهم ونباتهم فأكمله ، ولحس الأرض كلها وكان يدخل بين ثوب أحدهم وجلده فيعضّه (٤) ، وكان أحدهم يأكل الطعام فيمتلئ قملا. قال سعيد بن المسيّب : القمل السوس الذي يخرج من الحبوب ، وكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحا فلا يرد منها ثلاثة أقفزة ، فلم يصابوا ببلاء كان أشدّ عليهم من القمل ، وأخذ أشعارهم وأبشارهم وأشفار عيونهم وحواجبهم ولزم جلودهم كأنه الجدري عليهم ومنعهم النوم والقرار فصرخوا وصاحوا إلى موسى : أنا نتوب فادع لنا ربك يكشف عنّا البلاء ، فدعا موسى عليهالسلام ربّه فرفع القمل عنهم بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت ، فنكثوا وعادوا إلى أخبث أعمالهم ، وقالوا : ما كنّا قط أحق أن نستيقن أنه ساحر منّا اليوم يجعل الرمل دواب ، [وقالوا : وعزّة فرعون لا نتّبعه أبدا ولا نصدقه ، فأقاموا شهرا في عافية](٥) فدعا موسى عليهالسلام بعد ما أقاموا شهرا في عافية ، فأرسل الله عليهم
__________________
[٩٣٧] ـ باطل. بهذا اللفظ ، وسيأتي بسياق آخر فذاك منكر.
أخرجه البيهقي في «الشعب» ١٠١٣٠ عن ابن عمر قال : «وقعت جرادة بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاحتملها فإذا مكتوب في العبرانية لا يفنى حنيني ، ولا يشبع آكلي نحن جند الله الأكبر لنا تسعة وتسعون بيضا ...».
قال البيهقي : محمد بن عثمان القيسي هذا مجهول ، وهذا حديث منكر والله أعلم اه.
وأخرج الطبراني في «الكبير» (٢٢ / ٢٩٧) وفي «مسند الشاميين» ١٦٥٦ و «الأوسط» ٩٢٧٣ وأبو الشيخ في «العظمة» ١٣١٦ والبيهقي في «الشعب» ١٠١٢٧ عن أبي زهير النميري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تقتلوا الجراد ، فإنه من جند الله الأعظم».
وأعله الهيثمي في «المجمع» (٤ / ٣٩) (٦٠٧٣) بمحمد بن إسماعيل بن عياش وقال : ضعيف اه.
لكن ليس في «الكبير» محمد بن إسماعيل ، وإنما فيه سليمان بن عبد الرحمن ، وتابعهما بقية عند أبي بكر بن أبي داود كما في تفسير ابن كثير (٢ / ٣٠٤) ، لكن مداره على إسماعيل بن عياش ، وقد وثقه قوم ، وضعفه آخرون ، وله علة ثانية شريح بن عبيد ثقة إلا أنه كثير الإرسال ، ولم يصرح بالتحديث ، وقد روى عن جماعة من الصحابة ، ولم يدركهم.
والمتن منكر فإن الجراد إذا جاء بكميات كبيرة ، وأكل الزرع تجب مقاومته ، والقضاء عليه بكافة الوسائل ، ومن تركه مع قدرته على القضاء عليه إذا كان يأكل الزرع ، يكون مبذرا يهدر ماله ، وأموال المسلمين ولذا استغربه ابن كثير جدا ، وهو كما قال ، فإنه منكر.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع وط «قال».
(٣) في المطبوع «فانهال» وفي ط «فانثال».
(٤) في المطبوع «فيعضده».
(٥) ليس في المخطوط.