(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ، أي : ما ذكر على ذبحه غير اسم الله تعالى ، (وَالْمُنْخَنِقَةُ) ، وهي التي تخنق فتموت ، قال ابن عباس : كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة حتى إذا ماتت أكلوها ، (وَالْمَوْقُوذَةُ) هي المقتولة بالخشب ، قال قتادة : كانوا يضربونها بالعصا فإذا ماتت أكلوها ، (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) ، هي التي تتردّى من مكان عال أو في بئر فتموت ، (وَالنَّطِيحَةُ) ، هي التي تنطحها أخرى فتموت ، وهاء التأنيث تدخل في الفعيل إذا كان بمعنى الفاعل ، فإذا كان بمعنى المفعول استوى فيه المذكر والمؤنث ، نحو عين كحيل وكفّ خضيب ، فإذا حذف (١) الاسم وأفردت الصفة ، أدخلوا الهاء فقالوا : رأينا كحيلة وخضيبة ، وهنا أدخل الهاء لأنه لم يتقدمها الاسم ، فلو أسقط الهاء لم يدر أنها صفة مؤنث أو (٢) مذكر ، ومثله الذبيحة والنسيكة ، وأكيلة السبع (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) ، يريد ما بقي ممّا أكل السبع ، وكان أهل الجاهلية يأكلونه ، (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ، يعني : إلا ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء ، وأصل التذكية الإتمام ، يقال : ذكّيت النار إذا أتممت اشتعالها ، والمراد هنا : إتمام فري الأوداج وأنهار الدم.
[٧٤٣] قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السنّ والظفر».
وأقل الذكاة في الحيوان المقدور عليه قطع المريء والحلقوم وكماله أن يقطع الودجين معهما ، ويجوز بكل محدّد يقطع (٣) من حديد أو قصب أو زجاج أو حجر إلا السن والظفر ، لنهي (٤) النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن الذبح بهما ، وإنّما يحلّ ما ذكّيته بعد ما جرحه السبع أو أكل شيئا منه إذا أدركته والحياة فيه مستقرة فذبحته ، فأمّا ما صار بجرح السبع إلى حالة المذبوح ، فهو في حكم الميتة ، فلا يكون حلالا وإن ذبحته ، وكذلك المتردّية والنّطيحة إذا أدركتها حيّة قبل أن تصير إلى حالة المذبوح فذبحتها تكون حلالا ، ولو رمي إلى صيد في الهواء فأصابه فسقط على الأرض ومات كان حلالا لأن الوقوع على الأرض من ضرورته ، وإن سقط على جبل أو شجر ثم تردّى منه فمات فلا يحلّ ، وهو من المتردّية إلّا أن يكون السهم أصاب مذبحه في الهواء فيحلّ كيف ما وقع ، لأن الذبح قد حصل بإصابة السهم المذبح ، (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) ، قيل : النّصب جمع ، واحده نصاب ، وقيل : هو واحد وجمعه أنصاب مثل عنق وأعناق ، وهو الشيء المنصوب ، واختلفوا فيه ، فقال مجاهد وقتادة : كانت حول البيت ثلاثمائة وستون حجرا منصوبة ، كان أهل الجاهلية يعبدونها ويعظّمونها ويذبحون لها ، وليست هي بأصنام إنما الأصنام هي المصوّرة المنقوشة ، وقال الآخرون : هي الأصنام المنصوبة ، ومعناه : ما ذبح على اسم النّصب ، قال ابن زيد : وما ذبح على النصب وما أهلّ لغير الله به : هما واحد ، قال قطرب : على بمعنى اللام ، أي : وما ذبح لأجل النّصب ، (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) ، أي : وحرّم عليكم الاستقسام بالأزلام ، والاستقسام هو طلب القسم ، والحكم من الأزلام ، والأزلام هي : القداح التي لا ريش لها ولا نصل ، واحدها : زلم وزلم ، بفتح الزاي وضمّها وكانت
__________________
[٧٤٣] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٣٠٧٥ و ٥٤٩٨ و ٢٥٠٧ و ٥٥٠٣ و ٥٥٠٦ و ٥٥٤٤ ومسلم ١٩٦٨ والترمذي ١٤٩١ و ١٤٩٢ والنسائي (٧ / ٢٢٦ و ٢٢٨ و ٢٢٩) وابن ماجه ٣١٣٧ و ٣١٧٨ و ٣١٨٣ : وابن الجارود ٨٩٥ وابن حبان ٥٨٨٦ وعبد الرزاق ٨٤٨١ والطيالسي ٩٦٣ والحميدي ٤١١ وأحمد (٣ / ٤٦٣ و ٤٦٤) و (٤ / ١٤٠ و ١٤١ و ١٤٢) والدارمي (٢ / ٨٤) والطبراني ٤٣٨٠ ، ٤٣٨٤ و ٤٣٨٦ ، ٤٣٩٣ والبيهقي (٩ / ٢٤٥ و ٢٤٦ و ٢٤٧) من طرق عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رافع بن خديج عن جده رافع به.
__________________
(١) في المطبوع وط «حذفت».
(٢) في المطبوع وط «أم».
(٣) في المخطوط «يجرح».
(٤) في المطبوع وط «فنهى».