مراءة للناس لا اتّباعا لأمر الله [عزوجل](١) ، (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن : إنّما قال ذلك لأنهم يفعلونها رياء وسمعة ، ولو أرادوا بذلك القليل وجه الله تعالى لكان كثيرا ، وقال قتادة : إنّما قلّ ذكر المنافقين لأن الله تعالى لم يقبله وكل ما قبل الله فهو كثير.
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) ، أي : مترددين متحيّرين [بين الكفر والإيمان ، (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) ، أي : ليسوا من المؤمنين](٢) فيجب لهم ما يجب للمؤمنين ، وليسوا من الكفار فيؤخذ منهم ما يؤخذ من الكفار ، (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) ، أي : طريقا إلى الهدى.
[٧٢٧] أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجرائي قال أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنا مسلم بن الحجاج ، أنا محمد بن المثنى ، أنا عبد الوهّاب يعني الثقفي ، أنا عبد الله [عن نافع عن](١) ابن عمر :
عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة (٢) بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرّة وإلى هذه مرّة».
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) ، نهى الله المؤمنين عن موالاة الكفار ، وقال : (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) أي حجة بينة في عذابكم (٣) ، ثم ذكر منازل المنافقين ، فقال جلّ ذكره :
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦) ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً (١٤٧) لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨))
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) ، قرأ أهل الكوفة (فِي الدَّرْكِ) بسكون الراء والباقون بفتحها وهما لغتان كالظعن والظعن والنهر والنهر ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ) في توابيت من حديد مقفلة في النار ، وقال أبو هريرة : بيت مقفل عليهم ، توقد (٤) فيه النار من فوقهم ومن تحتهم ، (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) مانعا من العذاب.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «صحيح مسلم» و «مسند أحمد».
[٧٢٧] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد ، عبيد الله هو ابن عبد الله بن عمر.
ـ خرّجه المصنف من طريق مسلم ، وهو في «صحيحه» (٢٧٨٤) عن محمد بن المثنى بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد ٢ / ١٠٢ و ١٤٣ عن عبيد الله بن عمر بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ٢٧٨٤ والنسائي ٨ / ١٢٤ والرامهرمزي في «الأمثال» ص (٨٦) من طرق ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع به.
(٢) العائرة : المترددة الحائرة لا تدري أيهما تتبع.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة في المطبوع و ـ ط.
(٣) في المخطوط «أعدائكم».
(٤) في المطبوع و ـ ط «تتوقد».