العمد على العاقلة وهم عصبات القاتل من الذكور ولا يجب على الجاني منها شيء لأن النبي صلىاللهعليهوسلم أوجبها على العاقلة.
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣))
قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) الآية :
ع [٦٨٢] ، نزلت في مقيس بن صبابة الكندي ، وكان قد أسلم هو وأخوه هشام فوجد أخاه هشام قتيلا في بني النجار فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر له ذلك فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم معه رجلا من بني فهر إلى بني النجار أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمركم إن علمتم قاتل هاشم بن صبابة أن تدفعوه إلى مقيس فيقتص منه وإن لم تعلموا أن تدفعوا إليه ديته ، فأبلغهم الفهري ذلك فقالوا : سمعا وطاعة لله ولرسوله ، والله ما نعلم له قاتلا ولكنّا نؤدي ديته فأعطوه مائة من الإبل ، ثم انصرفا راجعين نحو المدينة ، فيأتي الشيطان مقيسا فوسوس إليه ، فقال : تقبل دية أخيك فتكون عليك مسبة (١) ، اقتل الذي معك فتكون نفس مكان نفس وفضل الدية ، فتغفل الفهري فرماه بصخرة فشدخه (٢) ، ثم ركب بعيرا وساق بقيتها راجعا إلى مكة كافرا فنزل فيه : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً).
(فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) ، بكفره وارتداده وهو الذي استثناه النبي صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة ، [عمّن أمّنه](٣) فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة ، قوله تعالى : (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ) أي : طرده عن الرحمة ، (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) ، اختلفوا في حكم هذه الآية ، فحكي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن قاتل المؤمن عمدا لا توبة له ، فقيل له : أليس قد قال الله في سورة الفرقان : (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) إلى أن قال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلَّا مَنْ تابَ) ، فقال : كانت هذه [الآية](٤) في الجاهلية وذلك أن أناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وزنوا فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إنّ الذي تدعو إليه لحسن ، لو تخبرنا (٥) أن لمّا عملنا كفارة ، فنزلت (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) إلى قوله (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ) [الفرقان : ٦٨ ـ ٧٠] ، فهذه لأولئك وأمّا التي في النساء فالرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه ثم قتل مسلما متعمدا فجزاؤه جهنم ، وقال زيد بن ثابت : لما نزلت التي في الفرقان (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) ، عجبنا من لينها فلبثنا سبعة أشهر ثم نزلت الغليظة بعد اللّينة فنسخت اللّينة ، وأراد بالغليظة [هذه](٦) الآية ، وباللّينة آية الفرقان ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : تلك آية مكية وهذه مدنية ولم ينسخها شيء ،
__________________
ع [٦٨٢] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٣٤٤) عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس بدون إسناد. وهذا إسناد ساقط مع كونه معلقا ، الكلبي متروك متهم.
وأخرجه الطبري ١٠١٩١ مختصرا عن عكرمة مرسلا.
وانظر «الدر المنثور» (٢ / ٣٤٩).
__________________
(١) في المخطوط «شبهة».
(٢) في المطبوع وحده «فقتله».
(٣) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع وحده «ويخبرنا».
(٦) زيادة عن المخطوط.