(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠))
قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) الآية :
ع [٦٦٠] نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان شديد الحب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم [و](١) قد تغير لونه يعرف الحزن في وجهه ، فقال [له] رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما غيّر لونك»؟ فقال : يا رسول الله ما بي مرض ولا وجع غير أني إن لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنّك ترفع مع النبيين ، وأنّي إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنة لا (٢) أراك أبدا ، فنزلت هذه الآية.
وقال قتادة : قال بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم : كيف يكون الحال في الجنة وأنت في الدرجات العلى ونحن أسفل منك؟ فكيف (٣) نراك؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) في أداء الفرائض ، (وَالرَّسُولَ) في السنن (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) أي لا تفوتهم رؤية الأنبياء ومجالستهم لأنهم يرفعون إلى درجة الأنبياء ، (وَالصِّدِّيقِينَ) ، وهم أفاضل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، والصدّيق المبالغ في الصدق ، (وَالشُّهَداءِ) ، قيل : هم الذين استشهدوا في يوم أحد ، وقيل : الذين استشهدوا في سبيل الله ، وقال عكرمة : النبيون هاهنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، والصديقون (٤) أبو بكر ، والشهداء : عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، (وَالصَّالِحِينَ) ، سائر الصحابة رضي الله عنهم ، (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) ، يعني : رفقاء الجنة ، والعرب تضع الواحد موضع الجمع ، كقوله تعالى : (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [الحج : ٥] أي : أطفالا (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر : ٤٥] أي : الأدبار.
__________________
ع [٦٦٠] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٣٣٤ م) عن الكلبي بدون إسناد والكلبي متروك متهم ، لكن ورد بنحو هذا السياق من حديث عائشة قالت : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله إنك لأحب إليّ من نفسي ، وإنك لأحب إليّ من ولدي ، وإني لأكون في البيت ، فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك ، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين ، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ، فلم يردّ عليه النبي صلىاللهعليهوسلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ....) الآية. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٤٨٠) و «الصغير» (٥٢) والضياء المقدسي في «صفة الجنة» كما في «تفسير ابن كثير» (١ / ٥٣٥).
وقال ابن كثير : قال الحافظ الضياء المقدسي : لا أرى بإسناده بأسا ا ه. ووافقه ابن كثير.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٧) : رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي ، وهو ثقة ا ه.
ـ وفي الباب أيضا من حديث ابن عباس أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٢٥٥٩) وفي إسناده عطاء بن السائب ، وقد اختلط كذا قال الهيثمي.
لكن يصلح شاهدا لما قبله.
وفي الباب أحاديث أخرى انظر «الدر المنثور» (٢ / ٣٢٤ ـ ٣٣٥) فهذه الروايات تتأيد بمجموعها ، والله أعلم ، راجع «أحكام القرآن» (٥١٨) بتخريجي.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط و «أسباب النزول».
(٢) في المخطوط «فلا».
(٣) في المطبوع «وكيف».
(٤) في المطبوع «الصديق».