على وجه الأرض ، والقصد إلى التراب ، شرط لصحة التيمم ، لأن الله تعالى قال : (فَتَيَمَّمُوا) ، والتيمم : [هو](١) القصد ، حتى لو وقف في مهب الريح فأصاب الغبار وجهه ونوى لم يصح. قوله تعالى : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) ، اعلم أن مسح الوجه واليدين واجب في التيمم.
واختلفوا في كيفيته فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يمسح الوجه واليدين مع المرفقين ، بضربتين يضرب كفيه على التراب فيمسح بهما جميع وجهه ، ولا يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعور ، ثم يضرب ضربة أخرى فيمسح يديه إلى المرفقين ، لما :
[٦٢٥] أخبرنا عبد الوهّاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن (١) الصمة قال :
مررت على النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحتّه بعصا كانت معه ، ثم وضع يده (٢) على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم ردّ عليّ.
ففيه دليل على وجوب مسح اليدين إلى المرفقين كما يجب غسلهما في الوضوء إلى المرفقين ، ودليل على أن التيمم لا يصح ما لم يعلق باليد غبار التراب ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم حتّ الجدار بالعصا (٢) ، ولو كان مجرد الضرب كافيا [لما كان حتّه](٣) ، وذهب الزهري إلى أنه يمسح اليدين إلى المنكبين ، لما روي عن عمار أنه
__________________
(١) في الأصل «أبي» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب الحديث.
[٦٢٥] ـ ضعيف. إسناده ضعيف جدا ، إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى ، وهو متروك متهم ، وأبو الحويرث واسمه عبد الرحمن بن معاوية ضعيف ، الأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز ، ابن الصمة هو الحارث ، وهو منقطع بين الأعرج وابن الصمة.
ـ وهو في «شرح السنة» (٣١١) بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه المصنف من طريق الشافعي وهو في «مسنده» (١ / ٤٤) عن إبراهيم بن محمد بهذا الإسناد. ومن طريقه البيهقي ١ / ٢٠٥ وقال : وهذا شاهد لرواية أبي صالح كاتب الليث إلا أن هذا منقطع عبد الرحمن بن هرمز الأعرج لم يسمع من ابن الصمة إنما سمعه من عمير مولى ابن عباس ، عن ابن الصمة. وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وأبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال : قد اختلف الحفاظ في عدالتهما إلا أن لروايتهما بذكر الذراعين فيه شاهد من حديث ابن عمر ا ه. كذا قال رحمهالله! مع أن إبراهيم الأسلمي كذبه علي المديني ويحيى بن سعيد وابن معين وغيرهم.
ـ ورواية عمير مولى ابن عباس عن ابن الصمة التي أشار إليها البيهقي هي عنده وعند البخاري ٣٣٧ وأبو داود ٣٢٩ والنسائي ١ / ١٦٥ وابن حبان ٨٠٥ ولم يذكروا أن ابن الصمة هو الذي سلّم على النبي صلىاللهعليهوسلم وإنما هو رجل آخر. وليس فيه أيضا ذكر الذراعين. وورد ذكر الذراعين في حديث ابن عمر ، أخرجه أبو داود ٣٣٠ وضعفه بقوله : سمعت أحمد بن حنبل يقول : روى محمد بن ثابت حديثا منكرا في التيمم ، قال أبو داود ، لم يتابع بذكره «ضربتين» قلت : محمد بن ثابت ضعيف.
وقد ورد من وجه آخر بدون ذكر الذراعين والضربتين ، من حديث ابن عمر أخرجه أبو داود ٣٣١ وأبو عوانة ١ / ٢١٥ وابن حبان ١٣١٦ والدارقطني ١ / ١٧٧ والبيهقي ١ / ٢٠٦ من طرق عن عبد الله بن يحيى ، عن حيوة بن شريح ، عن يزيد بن الهاد ، عن نافع عنه وإسناده صحيح على شرط البخاري.
(٢) انظر الحديث المتقدم.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «يديه».
(٣) العبارة في المخطوط و «شرح السنة» ، «لكان لا يحته» والمثبت عن المطبوع و ـ ط ، وهو أجمل سياقا.