[أنا] محمد بن يوسف أنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اقرأ عليّ» ، قلت : يا رسول الله أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ [قال] : «نعم» ، فقرأت سورة النساء حتى إذا أتيت [على](١) هذه الآية (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١)) قال : «حسبك الآن» فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
قوله عزوجل : (يَوْمَئِذٍ) [أي :](٢) يوم القيامة ، (يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) ، قرأ أهل المدينة وابن عامر (تُسَوَّى) بفتح التاء وتشديد السين على معنى تتسوى ، فأدغمت التاء الثانية في السين ، وقرأ حمزة والكسائي بفتح التاء وتخفيف السين على حذف تاء التفعل (٣) كقوله تعالى : (لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [هود : ١٠٥] ، وقرأ الباقون (٤) بضم التاء وتخفيف السين على المجهول ، أي : لو سويت بهم الأرض فصاروا هم والأرض شيئا واحدا. قال قتادة وأبو عبيدة : يعني لو تخرقت الأرض فساخوا فيها وعادوا إليها [كما خرجوا عنها](٥) ثم تسوى بهم ، أي : عليهم الأرض ، وقيل : ودّوا لو أنهم لم يبعثوا لأنهم إنما نقلوا من التراب ، وكانت الأرض مستوية عليهم ، وقال الكلبي : يقول الله عزوجل للبهائم والوحوش والطيور والسباع : كونوا (٦) ترابا فتسوى بهم الأرض ، فعند ذلك يتمنى الكافر أن لو كان ترابا كما قال الله تعالى : (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) [النبأ : ٤٠]. (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) قال عطاء : ودّوا لو تسوّى بهم الأرض وأنهم لم يكونوا كتموا أمر محمد صلىاللهعليهوسلم ولا نعته. وقال الآخرون : بل هو كلام مستأنف ، يعني : ولا يكتمون الله حديثا لأن ما عملوه لا يخفى على الله ولا يقدرون على كتمانه. وقال الكلبي وجماعة : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) لأن جوارحهم تشهد عليهم. وقال سعيد بن جبير : قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما : إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ ، قال : هات ما اختلف عليك ، قال : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) [المؤمنون : ١٠١] ، (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧)) [الصافات : ٢٧] ، (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ، وقال : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣] ، فقد كتموا ، وقال : (أَمِ السَّماءُ بَناها) [النازعات : ٢٧] ، إلى قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠)) [النازعات : ٣٠] ، وذكر خلق السماء قبل [خلق](٧) الأرض ، ثم قال : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) ، إلى قوله : (طائِعِينَ) [فصلت : ٩ ـ ١١] فذكر في هذه خلق الأرض قبل السماء ، وقال : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفتح : ١٤](وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء : ١٥٨ و ١٦٥] فكأنه كان ثم مضى؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : فلا أنساب [بينهم](٨) في النفخة الأولى قال الله تعالى :
__________________
(١٢٥) وابن أبي شيبة ١٠ / ٥٦٣ وأحمد ١ / ٣٨٠ و ٤٣٣ وابن حبان ٧٣٥ والطبراني في «الكبير» (٨٤٦٠) من طرق عن الأعمش به.
ـ وأخرجه مسلم ٨٠٠ ح ٢٤٨ والطبراني ٨٤٦٢ من طريق إبراهيم به.
ـ وأخرجه ابن أبي شيبة ١٠ / ٥٦٤ والحميدي ١٠١ وأحمد ١ / ٣٧٤ والطبراني ٨٤٦٣ و ٨٤٦٦ و ٨٤٦٨ من طرق ، عن ابن مسعود به.
__________________
(١) زيادة عن «صحيح البخاري» ، وهو في المخطوط «إلى».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المخطوط وحده «التفيل».
(٤) في المطبوع «الآخرون».
(٥) زيد في المطبوع.
(٦) في المخطوط وحده «كوني».
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) زيادة عن المخطوط.