بنصاب السرقة ، وهو قول مالك وأبي حنيفة ، غير أن نصاب السرقة عند مالك ثلاثة دراهم وعند أبي حنيفة عشرة دراهم ، والدليل على أنه لا يتقدر ما :
[٥٦٨] أخبرنا أبو الحسن السرخسي قال : أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاءته امرأة فقالت : يا رسول الله إني [قد](١) وهبت نفسي لك ، فقامت [قياما](٢) طويلا فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك فيها حاجة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هل عندك من شيء تصدقها»؟ قال : ما عندي إلّا إزاري هذا فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أعطيتها إيّاه جلست لا إزار لك ، فالتمس شيئا» ، فقال : ما أجده ، فقال : «فالتمس ولو خاتما من حديد» ، فالتمس فلم يجد شيئا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هل معك من القرآن شيء»؟ قال : نعم سورة كذا وسورة كذا [لسور سماها](٣) ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «قد زوجتها بما معك من القرآن».
وفيه دليل على أن لا تقدير لأقل الصداق ، لأنه قال : «التمس شيئا» وهذا يدل على جواز أي شيء كان من المال ، و [لأنه](٤) قال : «ولو خاتما من حديد» ، ولا قيمة لخاتم الحديد إلا القليل التافه ، وفي الحديث دليل على أنه يجوز تعليم القرآن صداقا وهو قول الشافعي رحمهالله ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز وهو قول أصحاب الرأي ، وكل عمل جاز الاستئجار عليه مثل (٥) البناء والخياطة وغير ذلك من الأعمال جاز أن يجعل صداقا ، ولم يجوّز أبو حنيفة رضي الله عنه أن يجعل منفعة الحرّ صداقا ، والحديث حجة لمن جوّزه بعد ما أخبر الله تعالى عن شعيب عليهالسلام حيث زوّج ابنته من موسى عليهالسلام على العمل ، فقال : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) [القصص : ٢٧].
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ
__________________
[٥٦٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، أبو حازم هو سلمة بن دينار.
ـ وهو في «شرح السنة» (٢٢٩٥) بهذا الإسناد.
ـ خرّجه المصنف من طريق مالك ، وهو في «الموطأ» (٢ / ٥٢٦) عن أبي حازم به.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري ٢٣١٠ و ٥١٣٥ و ٧٤١٧ وأبو داود ٢١١١ والترمذي ١١١٤ والشافعي ٢ / ٧ و ٨ وأحمد ٥ / ٣٣٦ وابن حبان ٤٠٩٣ والطحاوي ٣ / ١٦ ـ ١٧ والبيهقي ٧ / ١٤٤ و ٢٣٦ و ٢٤٢.
ـ وأخرجه البخاري ٥٠٢٩ و ٥١٢١ و ٥١٣٢ و ٥١٤١ و ٥١٤٩ و ٥٨٧١ ومسلم ١٤٤٥ والنسائي ٦ / ١١٣ وابن ماجه ١٨٨٩ وعبد الرزاق ٧٥٩٢ والحميدي ٩٩٨ وأحمد ٥ / ٣٣٠ وابن الجارود ٧١٦ والطحاوي ٣ / ١٧ والطبراني ٦ / (٥٧٥٠) و (٥٧٨١١) و (٥٩٠٧) و (٥٩١٥) و (٥٩٩٣) والبيهقي ٧ / ١٤٤ و ٢٣٦ و ٢٤٢ من طرق عن أبي حازم به.
__________________
(١) زيادة عن «شرح السنة».
(٢) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».
(٣) زيادة عن «شرح السنة» ولفظ «سماها» زيد في المخطوط أيضا.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «من».