و [قرأ](١) الآخرون بالتخفيف. قال أبو عبيدة (٢) : خصّ أبو عمرو (فذانك) بالتشديد لقلة الحروف في الاسم (فَآذُوهُما) قال عطاء وقتادة : فعيّروهما باللسان : أما خفت الله؟ أما استحيت من الله حيث (٣) زنيت؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : سبوهما واشتموهما (٤) ، قال ابن عباس : هو باللسان واليد يؤذى بالتعيير وضرب النعال ، فإن قيل : ذكر الحبس في الآية الأولى وذكر في هذه الآية الإيذاء ، فكيف وجه الجمع؟ قيل : الآية الأولى في النساء وهذه في الرجال ، وهو قول مجاهد ، وقيل : الآية الأولى في الثيب وهذه في البكر ، (فَإِنْ تابا) ، من الفاحشة (وَأَصْلَحا) ، العمل فيما بعد ، (فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) ، فلا تؤذوهما ، (إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) ، وهذا كله كان قبل نزول الحدود ، فنسخت بالجلد والرجم ، والجلد في القرآن قال الله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) والرجم في السنة.
[٥٤٣] أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله [بن عبد الله](٥) بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أنهما أخبراه :
أنّ رجلين اختصما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أحدهما : اقض يا رسول الله بيننا بكتاب الله ، وقال الآخر وكان أفقههما : أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله ، وائذن لي أن أتكلم ، فقال : «تكلم» ، قال : إن ابني كان عسيفا [أي : أجيرا](٦) على هذا ، فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أنما (٧) على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وإنما الرجم
__________________
[٥٤٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، ابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري ، عبد الله بن عتبة هو ابن أخي عبد الله بن مسعود.
ـ وهو في «شرح السنة» (٢٥٧٣) بهذا الإسناد.
ـ خرّجه المصنف من طريق مالك ، وهو في «الموطأ» (٢ / ٨٢٢) عن ابن شهاب بهذا الإسناد. ومن طريق مالك أخرجه البخاري ٦٦٣٣ و ٦٨٤٢ وأبو داود ٤٤٤٥ والترمذي بإثر ١٤٣٣ والنسائي ٨ / ٢٤٠ ـ ٢٤١ والشافعي ٢ / ٧٨ ـ ٧٩ والطبراني ٥١٩٠ والطحاوي ٣ / ١٣٥.
ـ وأخرجه البخاري ٢٧٢٤ ومسلم ١٦٩٧ والنسائي في «الكبرى» (٧١٩٢) وابن حبان ٤٤٣٧ والطبراني ٥١٩٣ من طرق عن الليث ، عن الزهري به.
ـ وأخرجه البخاري ٢٦٩٥ و ٦٨٣٥ و ٧١٩٣ و ٧٢٥٨ ومسلم ١٦٩٧ وعبد الرزاق ١٣٣٠٩ و ١٣٣١٠ وأحمد ٤ / ١١٥ والطحاوي ٣ / ١٣٥ والطبراني ٥١٨٨ و ٥١٨٩ و ٥١٩٥ و ٥١٩٦ و ٥١٩٩ من طرق عن الزهري به.
ـ وأخرجه الترمذي ١٤٣٣ والنسائي ٨ / ٢٤١ ـ ٢٤٢ وابن ماجه ٢٥٤٩ والحميدي ٨١١ وأحمد ٤ / ١١٥ ـ ١١٦ والدارمي ٢ / ١٧٧ والطحاوي ٣٠ / ١٣٤ ـ ١٣٥ وابن الجارود ٨١١ والطبراني ٥١٩٢ والبيهقي ٨ / ٢١٩ و ٢٢٢ من طرق عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري به. وزاد سفيان فيه مع زيد وأبي هريرة «شبلا». لكن الترمذي قال : وهم فيه سفيان بن عيينة أدخل حديثا في حديث ... ا ه. ومراد الترمذي أن سفيان وهم بزيادة ـ شبل ـ في الإسناد ، وشبل بن خالد لم يدرك النبي صلىاللهعليهوسلم. انظر كلام الترمذي حول هذا.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) كذا في المطبوع والمخطوط ، وفي ـ ط «عبيد».
(٣) في المخطوط وحده «حين».
(٤) كلا القولين ورد عن ابن عباس ، والأولى العطف بالواو.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيد في المطبوع وحده ، وهي زيادة تفسيرية مدرجة في الحديث. وقد جعلها الإمام مالك في آخر الحديث.
(٧) في المطبوع «أن» والمثبت عن المخطوط وكتب التخريج.