ربّما أضافت إلى أحدهما ، وربّما أضافت إليهما ، كقوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) [البقرة : ٤٥] ، (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) ، فيه إجماع أن [أولاد](١) الأم إذا كانوا اثنين فصاعدا يشتركون في الثلث ذكرهم وأنثاهم ، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته : ألا إن الآية التي أنزل الله تعالى في أول سورة النساء في شأن (٢) الفرائض أنزلها في الولد والوالد والأم ، والآية الثانية في الزوج والزوجة والإخوة والأخوات من الأم ، والآية التي ختم بها سورة النساء في الإخوة والأخوات من الأب والأم ، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) أي : غير مدخل الضرر على الورثة بمجاوزة الثلث في الوصية ، قال (٣) الحسن : هو أن يوصي بدين ليس عليه ، (وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) ، قال قتادة : كره الله الضّرار في الحياة وعند الموت ، ونهى عنه وقدّم فيه.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣))
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) ، يعني : ما ذكر من الفروض (٤) المحدودة ، (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤) وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥))
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤)) ، قرأ أهل المدينة وابن عامر «ندخله جنات» ، و «ندخله نارا» ، وفي سورة الفتح ندخله [الفتح : ١٧] و (نُعَذِّبُهُ) [الفتح : ١٧] وفي سورة التغابن (يُكَفِّرْ) [التغابن : ٩] و (يُدْخِلْهُ) [التغابن : ٩] وفي سورة الطلاق (يُدْخِلْهُ) [الطلاق : ١١] بالنون فيهن ، وقرأ الآخرون بالياء.
قوله عزوجل : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) ، يعني : الزنا ، (مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) ، يعني : من المسلمين ، وهذا خطاب للحكام ، أي : فاطلبوا عليهن أربعة من الشهود ، [فيه بيان أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة من الشهود](٥)(فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَ) ، فاحبسوهنّ ، (فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) ، وهذا كان في أول الإسلام قبل نزول الحدود ، فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت (٦) حتى تموت ، ثم نسخ ذلك في حق البكر بالجلد والتغريب ، وفي حق الثيب بالجلد والرجم.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٢) في المطبوع وحده «بيان».
(٣) تصحف في المطبوع «فإن».
(٤) في المطبوع «الفرائض».
(٥) سقط من المخطوط.
(٦) في المطبوع «البيوت».