وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١))
قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) الآية ، اعلم أن الوراثة كانت في الجاهلية بالذكورة والقوة فكانوا يورّثون الرجال دون النساء والصبيان ، فأبطل الله ذلك بقوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ) الآية ، وكانت أيضا في الجاهلية وابتداء الإسلام بالمحالفة ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) [النساء : ٣٣] ثم صارت الوراثة بالهجرة ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) [الأنفال : ٧٢] فنسخ [الله](١) ذلك كله وصارت الوراثة بأحد الأمور الثلاثة : بالنسب والنكاح أو الولاء ، والمعنيّ بالنسب أن القرابة يرث بعضهم من بعض ، لقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال : ٧٥] ، والمعني بالنكاح : أن أحد الزوجين يرث صاحبه ، وبالولاء : أن المعتق وعصباته يرثون المعتق ، فنذكر بعون الله تعالى فصلا وجيزا في بيان من يرث من الأقارب. وكيفية توريث الورثة فنقول : إذا مات ميّت وله مال فيبدأ (٢) بتجهيزه ثم بقضاء ديونه ثم بإنفاذ وصاياه فما فضل يقسم بين الورثة على ثلاثة أقسام منهم ، من يرث بالفرض [ومنهم] من يرث بالتعصيب ، ومنهم من يرث بهما جميعا ، فمن يرث بالنكاح لا يرث إلا بالفرض ، ومن يرث بالولاء لا يرث إلا بالتعصيب ، وأمّا من يرث بالقرابة فمنهم من يرث بالفرض كالبنات والأخوات والأمهات والجدات ، وأولاد الأم ، ومنهم من يرث بالتعصيب كالبنين والإخوة وبني [الإخوة و](٣) الأعمام وبنيهم ، و [منهم](٤) من يرث بهما كالأب يرث بالتعصيب إذا لم يكن للميت ولد ، وإن كان للميت ولد ابن فيرث الأب بالفرض السدس ، وإن كان للميت بنت يرث الأب السدس بالفرض ويأخذ الباقي بعد نصيب البنت بالتعصيب ، وكذلك الجد ، وصاحب التعصيب من يأخذ جميع المال عن الانفراد ويأخذ ما فضل عن أصحاب الفرائض ، وجملة الورثة سبعة عشر : عشرة من الرجال وسبع من النساء ، فمن الرجال الابن وابن الابن وإن سفل والأب والجد أبو الأب وإن علا ، والأخ سواء كان لأب وأم أو لأب أو لأم ، وابن الأخ للأم أو للأب وإن سفل والعم للأب والأم أو للأب وأبناؤهما وإن سفلوا ، والزوج ومولى العتاق ، ومن النساء البنت وبنت الابن وإن سفلت [والأم](٥) ، والجدة أم الأم [أو] أم الأب ، والأخت سواء كانت لأب وأم أو لأب أو لأم ، والزوجة ومولاة العتاقة (٦) ، وستة من هؤلاء لا يلحقهم حجب الحرمان بالغير : الأبوان والولدان ، والزوجان ، لأنه ليس بينهم وبين الميت واسطة ، والأسباب التي توجب حرمان الميراث أربعة : اختلاف الدين والرق والقتل وعمي الموت ، ونعني باختلاف الدين أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر ، لما :
[٥٣٢] أخبرنا عبد الوهّاب بن محمد الكسائي الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس
__________________
[٥٣٢] ـ إسناده صحيح رجاله ثقات ، الزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب ، عمرو بن عثمان هو ابن عفان ، علي بن الحسين ، هو زين العابدين.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط وحده «يبدأ».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «العتاق».