(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) ومحل (الَّذِينَ) خفض أيضا مردود على [قوله](١) الذين الأول وأراد بالناس : نعيم بن مسعود ، في قول مجاهد وعكرمة فهو من العام الذي أريد به الخاصّ كقوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) [النساء : ٥٤] يعني : محمدا صلىاللهعليهوسلم وحده ، وقال محمد بن إسحاق وجماعة : أراد بالناس الركب من عبد القيس ، (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) ، يعني أبا سفيان وأصحابه ، (فَاخْشَوْهُمْ) ، فخافوهم واحذروهم ، فإنه لا طاقة لكم بهم ، (فَزادَهُمْ إِيماناً) تصديقا [وقوة](٢) ويقينا وقوله : (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ) أي : كافينا الله ، (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، أي : الموكول (٣) إليه الأمور ، فعيل بمعنى مفعول.
[٤٩٥] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أخبرنا أحمد (٤) بن يونس أخبرنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلىاللهعليهوسلم حين قال لهم الناس : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
(فَانْقَلَبُوا) ، فانصرفوا ، (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) بعافية لم يلقوا عدوا (وَفَضْلٍ) تجارة وربح وهو ما أصابوا في السوق (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) لم يصبهم أذى ولا مكروه ، (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) في طاعة الله وطاعة رسوله ، وذلك أنهم قالوا : هل يكون هذا غزوا؟ فأعطاهم الله ثواب الغزو ورضي عنهم ، (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥) وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨))
. قوله تعالى : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ) يعني (٥) : الذي قال لكم : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) ، من فعل الشيطان ألقي في أفواههم لترهبوهم وتجبنوا عنهم ، (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) ، أي يخوفكم بأوليائه ، وكذلك هو في قراءة أبي بن كعب يعني : يخوّف المؤمنين بالكافرين ، قال السدي : يعظّم أولياءه في صدورهم ليخافوهم ، يدل عليه قراءة عبد الله بن مسعود «يخوفكم أولياءه» ، (فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ) ، في ترك أمري (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، مصدقين بوعدي لأني متكفّل لكم بالنصر والظفر.
قوله عزوجل : (وَلا يَحْزُنْكَ) ، قرأ نافع (يحزنك) بضم الياء وكسر الزاي ، وكذلك في جميع
__________________
[٤٩٥] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، أبو بكر هو ابن عياش بن سالم الأسدي ، وأبو بكر اختلف في اسمه ، قيل : محمد ، وقيل : عبد الله ... وهو مشهور بكنيته ، أبو حصين هو عثمان بن عاصم بن حصين ، أبو الضحى ، هو مسلم بن صبيح.
ـ أخرجه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» (٤٥٦٣) عن أحمد بن يونس بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٤٥٦٤ والنسائي في «التفسير» (١٠١) والحاكم ٢ / ٢٩٨ من طرق ، عن أبي الضحى به.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٣) في المطبوع «الموكل».
(٤) تصحف في المطبوع «محمد».
(٥) زيد في المطبوع «ذلك».