قالوا : (بَشَّرْناكَ بِالْحَقِ) [الحجر : ٥٥] ، وغيرها من الآيات ، ومن خفّف فهو من بشر يبشر وهي لغة تهامة ، وقراءة ابن مسعود رضي الله عنه ، (بِيَحْيى) هو اسم (١) لا يجرّ لمعرفته ، وللزائد في أوله ، مثل : يزيد ويعمر ، وجمعه يحيون مثل موسون وعيسون ، واختلفوا في أنه لم سمي يحيى ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : لأن الله أحيا به عقر أمّه ، [و](٢) قال قتادة : لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان ، [وقيل : سمّي يحيى لأنه استشهد ، والشهداء أحياء ، وقيل : معناه يموت](٣) ، وقيل : لأن الله تعالى أحياه بالطاعة حتى لم يعص ولم يهم بمعصية ، (مُصَدِّقاً) نصب على الحال ، (بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) ، يعني : عيسى عليهالسلام ، سمّي عيسى كلمة الله لأن الله تعالى قال له : كن من غير أب فكان ، فوقع عليه اسم الكلمة [لأنه بها كان](٤) ، وقيل : سمّي كلمة لأنه يهتدى به كما يهتدى بكلام الله تعالى ، وقيل : هي بشارة الله تعالى لمريم بعيسى عليهالسلام ، بكلامه على لسان جبريل عليهالسلام ، وقيل : لأن الله تعالى أخبر الأنبياء بكلامه في كتبه أنه يخلق نبيا بلا أب ، فسمّاه كلمة لحصوله بذلك الوعد ، وكان يحيى عليهالسلام أول من آمن بعيسى عليهالسلام وصدّقه ، وكان يحيى عليهالسلام أكبر من عيسى بستّة أشهر وكانا ابني خالة ، ثم قتل يحيى قبل أن يرفع عيسى عليهالسلام [إلى السماء](٥) ، وقال أبو عبيدة (بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) ، أي : بكتاب من الله وآياته ، تقول العرب : أنشدني كلمة فلان ، أي : قصيدته. قوله تعالى : (وَسَيِّداً) هو فعيل من ساد يسود ، وهو الرئيس الذي يتبع وينتهى (٦) إلى قوله ، قال المفضل : أراد سيدا في الدين ، قال الضحاك : السيد : الحسن الخلق ، قال سعيد بن جبير : السيد الذي يطيع ربه عزوجل ، وقال سعيد بن المسيّب : السيد الفقيه العالم ، وقال قتادة : سيد في العلم والعبادة والورع ، وقيل : الحليم الذي لا يغضبه شيء ، قال مجاهد : الكريم على الله تعالى ، وقيل : السيد التقي [قاله الضحاك](٧) ، [و](٨) قال سفيان الثوري : الذي لا يحسد ، وقيل : الذي يفوق [أقرانه و](٩) قومه في جميع خصال الخير ، وقيل : هو القانع بما قسم الله له ، وقيل : هو السخي.
ع [٣٨٢] قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من سيّدكم يا بني سلمة؟» قالوا : جدّ بن قيس على أنا نبخّله ، قال : «وأي داء أدوأ من البخل ، لكن سيدكم عمرو بن الجموح».
__________________
ع [٣٨٢] ـ جيد بشواهده. ورد من حديث جابر بن عبد الله ، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٢٩٦) وأبو الشيخ في «الأمثال» (٩١ ـ ٩٣) والخطيب في «تاريخه» (٤ / ٢١٧) والقضاعي في «مسند الشهاب» (٢٨٦ و ٢٨٧) وأبو نعيم في «الحلية» (٧ / ٣١٧) وإسناد البخاري حسن ، رجال ثقات مشاهير ، وأبو الزبير صرح عنده بالتحديث ، وورد من حديث ابن عباس أخرجه الطبراني ١٢١١٦ وإسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن عثمان ، وبه أعله الهيثمي ١٥٧٤٢ ، وورد من حديث كعب بن مالك ، أخرجه الطبراني في «الصغير» (٣١٧) ، وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني ، وورد من حديث أبي هريرة عند الطبراني في «الأوسط» ، وأعله الهيثمي بإبراهيم بن يزيد المكي ، وهو متروك. فهذا الشاهد لا يفرح به ، لكن الروايات المتقدمة تتأيد بمجموعها ، وورد مثله لكن في بشر بن البراء بن معرور بدل عمرو بن الجموح ، راجع «المجمع» (٩ / ٣١٥).
__________________
(١) في المطبوع «الاسم».
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) زيد في المطبوع وحده.
(٤) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المخطوط «ينتمي».
(٧) زيد في المطبوع وحده ، ويدل عليه سياق الطبري (٦٩٦٨ و ٦٩٦٩)
(٨) زيادة يقتضيها السياق.
(٩) زيادة عن المخطوط.