فوعلة مثل دوحلة (١) وحوقلة فحوّلت الواو الأولى تاء وجعلت الياء المفتوحة ألفا فصارت توراة ، ثم كتبت ياء (٢) على أصل الكلمة ، وقال الكوفيون : أصلها تفعلة مثل توصية وتوفية ، فقلبت [الياء](٣) ألفا على لغة طيّئ ، فإنهم يقولون للجارية جاراة (٤) ، وللناصية ناصاة ، وأصلها من قولهم : ورى الزند إذا خرجت ناره وأوريته أنا ، قال الله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١)) [الواقعة : ٧١] ، فسمّى التوراة لأنها نور وضياء ، قال الله تعالى : (وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) [الأنبياء : ٤٨] ، وقيل : [هي](٥) من التورية وهي كتمان السر والتعريض بغيره ، وكان (٦) أكثر (٧) التوراة معاريض من غير تصريح ، والإنجيل : إفعيل (٨) من النجل وهو الخروج ، ومنه سمّي الولد نجلا لخروجه ، فسمّي الإنجيل به لأن الله تعالى أخرج به دارسا من الحق عافيا [قيل](٩) : هو من النجل وهو سعة العين ، سمّي به لأنه أنزل توسعة (١٠) لهم ونورا ، وقيل : التوراة بالعبرانية توروتور (١١) ، [و] معناه : الشريعة ، والإنجيل بالسريانية : إنقليون (١٢) ، ومعناه : الإكليل. قوله تعالى : (هُدىً لِلنَّاسِ) ، هاديا لمن تبعه ، ولم يثنّه لأنه مصدر ، (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) ، [ليفرّق](١٣) بين الحقّ والباطل ، وقال السدي : في الآية تقديم وتأخير ، تقديرها : وأنزل التوراة والإنجيل والفرقان هدى للناس ، قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ).
(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) ، [من الصور المختلفة](١٤) ذكرا أو أنثى أبيض أو أسود حسنا أو قبيحا تامّا أو ناقصا ، (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، وهذا ردّ على وفد نجران من النصارى حيث قالوا : عيسى ولد الله ، وكأنه يقول : كيف يكون ولدا وقد صوّره الله تعالى في الرحم؟
[٣٥٩] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن (١) بن أحمد بن محمد
__________________
(١) في الأصل «عبد الرحيم» والتصويب من «شرح السنة» و «الأنساب» للسمعاني.
[٣٥٩] ـ إسناده على شرط البخاري ، الأعمش هو سليمان بن مهران.
ـ وهو في «شرح السنة» (٧٠) بهذا الإسناد.
ـ أخرجه المصنف من طريق أبي القاسم البغوي في «الجعديات» (٢٦٨٨) بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٣٢٠٨ و ٣٣٣٢ ومسلم ٢٦٤٣ وأبو داود ٤٧٠٨ والترمذي ٢١٣٧ والنسائي في «الكبرى» (١١٢٤٦) وابن ماجه ٧٦ والحميدي ١٢٦ وأحمد ١ / ٣٨٢ و ٤٣٠ وابن أبي عاصم في «السنة» (١٧٥ و ١٧٦) وأبو يعلى ٥١٥٧ واللالكاني في «أصول الاعتقاد» (١٠٤٠ و ١٠٤١ و ١٠٤٢) والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص (٣٨٧) وفي «الاعتقاد» ص (١٣٧ ـ ١٣٨) من طرق عن الأعمش به.
ـ وأخرجه البخاري ٦٥٩٤ و ٧٤٥٤ ومسلم ٢٦٤٣ وأبو داود ٤٧٠٨ والطيالسي ٢٩٨ والدارمي في «الرد على الجهمية»
__________________
(١) في المطبوع وحده «دوخلة».
(٢) في المطبوع و ـ ط «بالياء».
(٣) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٤) زيد في المخطوط و ـ ط «وللتوصية توصاة» وهو مقحم ، راجع البحر (٢ / ٣٨٧)
(٥) في المخطوط «هو».
(٦) عند القرطبي «فكأن» (٤ / ٥)
(٧) في المطبوع «في» بدل «أكثر».
(٨) في المخطوط «تفعيل» والمثبت عن المطبوع و ـ ط ـ والقرطبي (٤ / ٥)
(٩) في المطبوع و ـ ط «ويقال».
(١٠) في المطبوع و ـ ط «سعة».
(١١) في المخطوط «تورية» وهو خطأ.
(١٢) كذا في المطبوع والمخطوط ، وعند القرطبي (٤ / ٦) «إنكليون».
(١٣) في المطبوع و ـ ط «المفرق».
(١٤) زيد في المطبوع.