قيس بن شماس ، وكانت تبغضه وهو يحبّها فكان بينهما كلام فأتت أباها فشكت إليه زوجها ، وقالت [له] : إنه يسيء إليّ ويضربني ، فقال [لها] : ارجعي إلى زوجك فإني أكره للمرأة أن لا تزال رافعة يديها تشكو زوجها ، قال : فرجعت إليه الثانية وبها أثر الضرب ، فقال : ارجعي إلى زوجك فلما رأت أن أباها لا يشكيها أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشكت إليه زوجها وأرته آثارا بها من ضربه ، وقالت : يا رسول الله لا أنا ولا هو ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى ثابت بن قيس فقال : «ما لك ولأهلك»؟ فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ما على وجه الأرض أحبّ إليّ منها غيرك ، فقال لها : «ما تقولين»؟ فكرهت (١) أن تكذب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين سألها ، فقالت : صدق يا رسول الله ولكن قد خشيت أن يهلكني ، فأخرجني منه ، وقالت : يا رسول الله ما كنت لأحدثك حديثا ينزّل الله عليك خلافه فهو من أكرم الناس حبا (٢) لزوجته ، ولكني أبغضه ، فلا أنا ولا هو ، قال ثابت : يا رسول الله [إني](٣) قد أعطيتها حديقة فقل لها فلتردها (٤) عليّ وأخلي سبيلها ، فقال لها : «تردين عليه حديقته وتملكين أمرك»؟ قالت : نعم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا ثابت خذ منها ما أعطيتها ، وخلّ سبيلها» ، ففعل.
[٢٦١] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أزهر (١) بن جميل ، أخبرنا عبد الوهّاب الثقفي أنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما :
أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر بعد (٥) الإسلام ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتردين عليه حديقته»؟ قالت : نعم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة».
قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَخافا) ، أي : يعلما (أن لا يقيما حدود الله) ، قرأ أبو جعفر وحمزة ويعقوب (إِلَّا أَنْ يَخافا) بضم الياء ، أي : يعلم ذلك منهما ، يعني : يعلم القاضي والولي (٦) ذلك من الزوجين ، بدليل قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ) ، فجعل الخوف لغير الزوجين ، ولم يقل : فإن خافا ، وقرأ الآخرون (يَخافا) بفتح الياء ، أي : يعلم الزوجان من أنفسهما أن لا يقيما حدود الله ، تخاف المرأة أن تعصي الله في أمر زوجها ، ويخاف الزوج إذا لم تطعه امرأته أن يعتدي عليها فنهى الله الرجل أن يأخذ من امرأته شيئا مما آتاها إلّا أن يكون النشوز من قبلها ، فقالت : لا أطيع لك أمرا ولا أطأ لك مضجعا ونحو ذلك ، قال الله
__________________
وابن حبان ٤٢٨٠ وابن الجارود ٧٤٩ والبيهقي (٧ / ٣١٢ ـ ٣١٣) من طريق مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصارية أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس ... وهذا إسناد صحيح.
وانظر الحديث الآتي.
[٢٦١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري. عبد الوهّاب هو ابن عبد المجيد. خالد هو ابن مهران الحذّاء البصري ، وعكرمة هو أبو عبد الله مولى ابن عباس. وهو في «شرح السنة» ٢٦١ وأخرجه البخاري ٥٢٧٣ بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٥٢٧٤ و ٥٢٧٥ و ٥٢٧٦ والنسائي (٦ / ١٦٩) والبيهقي (٧ / ٣١٣) من طرق عن عكرمة به.
(١) وقع في الأصل «زاهر» والتصويب من صحيح البخاري.
__________________
(١) في المطبوع «فكرهن».
(٢) في المطبوع «محبة».
(٣) زيادة من المخطوط.
(٤) في المطبوع «تردها».
(٥) في المطبوع «في».
(٦) في المطبوع «الوالي».