على ملة إبراهيم ، فحذف على فصار منصوبا ، (حَنِيفاً) ، نصب على الحال عند نحاة البصرة ، وعند نحاة الكوفة نصب على القطع ، أراد به ملة إبراهيم الحنيف ، فلما أسقطت الألف واللام لم تتبع النكرة المعرفة فانقطع منه (١) ، فنصب [قال مجاهد : الحنيفية اتّباع إبراهيم فيما أتى به من الشريعة التي صار بها إماما للناس](٢) ، قال ابن عباس : الحنيف المائل عن الأديان كلها إلا دين الإسلام ، وأصله من الحنف وهو ميل وعوج يكون في القدم ، وقال سعيد بن جبير : الحنيف هو الحاج المختتن ، وقال الضحاك : إذا كان مع الحنيف المسلم فهو الحاج ، وإذا لم يكن مع المسلم فهو المسلم (٣) ، قال قتادة : الحنيفية الختان وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وإقامة المناسك ، (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، ثم علّم المؤمنين طريق الإيمان ، فقال جلّ ذكره :
(قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧))
(قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) ، يعني القرآن ، (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ) ، وهو عشر صحف ، (وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) ، يعني : أولاد يعقوب ، وهم اثنا عشر سبطا : واحدهم : سبط ، سمّوا بذلك لأنه ولد لكل واحد منهم جماعة ، وسبط الرجل : حافده ، ومنه قيل للحسن والحسين رضي الله عنهما : سبطا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب ، من بني إسماعيل ، والشعوب من العجم ، وكان في الأسباط أنبياء ، ولذلك قال : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) [آل عمران : ١٩٩] ، وقيل : هم بنو يعقوب من صلبه صاروا كلهم أنبياء. (وَما أُوتِيَ مُوسى) ، يعني : التوراة ، (وَعِيسى) ، يعني : الإنجيل ، (وَما أُوتِيَ) : أعطي (النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) ، أي : نؤمن بالكل لا نفرّق بين أحد منهم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى ، (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
[٩٢] وأخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن
__________________
[٩٢] ـ إسناده صحيح. على شرط البخاري.
وهو في «شرح السنة» ١٢٥ بهذا الإسناد.
خرّجه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» ٤٤٨٥ عن محمد بن بشار بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٤٤٨٥ و ٧٣٦٢ و ٧٥٤٢ والنسائي في «الكبرى» ١١٣٨٧ والبيهقي في «الشعب» ٥٢٠٧ من حديث أبي هريرة.
ـ وفي الباب من حديث أبي نملة عند أبي داود ٣٦٤٤ وعبد الرزاق ٢٠٠٥٩ وأحمد (٤ / ١٣٦) وابن حبان ٦٢٥٧ والطبراني في «الكبير» (٢٢ / ٨٧٤ ـ ٨٧٩) والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (١ / ٣٨٠) وابن الأثير في «أسد الغابة» (٦ / ٣١٥) والمزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة أبي نملة.
__________________
(١) في المخطوط «عنه».
(٢) زيد في نسخ المطبوع.
(٣) في المخطوط «المختتن».