وطاعته ، والتوسل به ، والتوجه إليه. فكان بذلك كاملا في ذاته بالكمال الأول الذي ساوى فيه الأول والثاني. وناقصا في فعله ، فبذلك قام بالقوة التي هي أصل وجوده. وذكرنا وصورنا انبعاث العقول السبعة عن المنبعث الأول القائم بالفعل ، وإن وجود كل عقل عن الآخر صاعدا إلى المنبعث الأول. كما أن وجود الاتماء السبعة كل واحد عن الآخر إلى الوصي. وإن نور كل واحد منها ساطع سار فيما وجد عن الأول من الهيولى والصورة يعني في العاشر وما تلاه ممّا تكثف من عالم الطبيعة.
فتأويل قوله بأن العقول السبعة الانبعاثية وجود كل واحد منها عن الآخر صاعدا إلى المنبعث الأول ، يقول بالترتيب في الإجابة لما دعي ذلك العالم بحجاب الحجاب الذي هو المنبعث الأول ، لأنّه حجاب الإبداع الذي هو المبدع ، والمبدع حجاب الغيب سبحانه كما ذكر ذلك حميد الدين بقوله : فالأول عقل وعاقل ومعقول ، فسبحان من تعالى عن الأوهام والأفكار ، فاحتجب بباهر إبداعه ذلك عن أن يتناول بصفة ، ولا إله إلّا هو.
وهذا فصل شاف كاف لمن هداه الله ، فكل عقل من السبعة (١) التي هي المراتب السبع عن الأول منهم فالأول ، وإفادة كل رتبة سابقة للرتبة اللاحقة في الإجابة (٢).
وكل رتبة تجمع من الملائكة ما لا يعد ولا يحد. وكان انقسام ذلك العالم عند وقوع الدعوة إلى ذات اليمين ، الذين هم عالم الأمر الملائكة المقربون ، الذين
__________________
(١) أي العقول السبعة الانبعاثية العلوية يقابلهم من الحدود السفلية ، الباب ، الحجة ، داعي البلاغ ، الداعي المطلق ، الداعي المحدود ، المأذون المطلق ، المأذون المحدود أو المكاسر. وبهم تكون المواليد الروحية.
(٢) يقصد أن كل حد من هذه الحدود السفلية أي الدينية يملك حق الإفادة لما دونه من المراتب ، فالذي يملك ما دونه لا يملك ما فوقه ، فالأعالي للأسافل كلية ، والأسافل للأعالي جزئية.