وأعزّ الإسلام ونصر ، وأمده الله بلواء حمده والظفر ، فكمل به الدين ، وأباد به الملحدين ، وأيّد به الموحدين ، المثل المضروب للأولين والآخرين. فصلى الله عليهما وعلى ذريتهما الطيبين ، وعترتهما الطاهرين ، الأئمة المنتجبين (١) آل طه ويس ، وعلى صاحب العصر والزمان ، وولي الفضل والإحسان ، الإمام الطيب أبي القاسم أمير المؤمنين (٢) وسلم تسليما كثيرا.
أمّا بعد : فإن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكرون. ولا عدل إلّا عدل الله ، ولا إحسان إلّا فضله وكرمه وجوده المؤيد به حدوده ، والمجري به سعوده ، لإظهار النفوس من العدم إلى الوجود ، وإفاضة الجود على المسترشد المحدود. كما قال الحكيم (ع م) (٣) : أفضل الحسنات احياء الأموات. فحق ذوي القربى طاعتهم ، والالتزام بولايتهم ، والتمسك بحبالهم (٤) والمعرفة لمراتبهم ، وتقويم النفوس بمحبتهم ، وتتميمها بمواصلتهم ، وإكمالها بقوانين
__________________
(١) يعني الأئمة المنصوص عليهم من صلب الإمام علي بن أبي طالب.
(٢) الإمام الطيب أبو القاسم : يذكر التاريخ أن الخليفة الفاطمي الآمر قبل مقتله بقليل أنجب طفلا في اليوم الرابع من شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، وسماه الطيب ، وكناه أبا القاسم وكتب سجلات البشارة بهذا المولود والنص على إمامته ، ولما قتل جماعة من الإسماعيلية النزارية الخليفة الآمر باحكام الله في الثاني من ذي القعدة من سنة أربع وعشرين وخمسمائة استتر الإمام الطيب ، وما زال مستورا حتى الآن والإمامة بالنسبة لفرقته «المستعلية» جارية في الإمام الطيب أبي القاسم وعقبه نائب الغيبة الداعي المطلق.
(٣) الحكيم : يقصد به الإمام أحمد الوفي صاحب رسائل إخوان الصفاء.
(٤) لأنهم حسب المفهوم الإسماعيلي هم أولو الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم ، لقوله (صلعم) : إني قد تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : الثقلين ، وأحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.