تصير الرطوبة عليه أغلب ، فيكون في ركن الهواء ، وينحل منه مثله ، وينحدر ويبعد عن حركة الفلك من ركن النار ، ومن ركنه ، فتغلب (١) عليه البرودة والرطوبة ، فيكون ماء فيختلط بالأرض ويمتزج ، فيتصعد منه الدخان من الأرض وبخار وهو من البحار.
ثم يتصاعد في أوقات أنواء الأمطار فيمتزج ، فيسمى مزاجا. وهو مزدوج دخان الأرض ، حارا يابسا لطيفا ، وبخار البحار باردا رطبا ، ثم ينشأ منه السحاب ، ويتموج بعضه إلى جميع الجهات ، ومن أرض إلى أخرى ، من البحر ، ومن البر إلى البحر.
ثم يكون أقواها الحر واليبس ، فيصيران يعملان في البرد والرطوبة وتكثر أجزاؤهما (٢) ، ويقوى ، فيكون الرعد من تصاعد البرودة والرطوبة ، والبرق من الحرارة واليبوسة ، وينعصر انعصارا كليا بقوة الحر واليبس ، وينحل من البرودة واليبس وإذابته بالنار الحادثة فيه من البرق إلى طبعه ، فتكون (٣) الأمطار حارة يابسة على سبيل ماء الذكر على ما قدمنا ذكره ، ويسقي الأرض ويمتزج بماء الأنهار التي هي باردة رطبة مثال ماء الأنثى.
ثم تسيل أودية بقدرها ويأخذ كل شيء منه بحظه في البر والبحر ممّا يسال إلى البحار لم يختلط بشيء منه ، بل يعلو عليه كعلو الدهن على الماء وذلك لعذوبته وخفته ، فيتلقاه صيد البحر فيشربه فيسمن عليه ، ويكون الدر (٤) منه ، وكذلك المعادن تأخذ منه كل شيء بحظه وتغتذي به الأشجار والأثمار ، وتتخمر المنابت وذلك خاصته في دخول أول وهو حلول الشمس بيت شرفه الذي هو شرفه الحمل ، وتبتدئ الفواكه والبذور بالخروج (٥) وتتكون وتتدرج
__________________
(١) فتغلب : فيغلب في ط.
(٢) وتكثر أجزاؤها : ويكثر جزؤهما في ط.
(٣) فتكون : فيكون في ط.
(٤) الدر : الدور في ط.
(٥) بالخروج : الخراج في ط.