قال سيدنا حميد الدين قدس الله سرّه : فالجزاء ثابت واجب ، وهو متعلق بالبعث ، والبعث هو فعل الله تعالى من جهة الملائكة المقربين في المبعوث الطبيعي كمالا له ، ليكون به منبعثا الانبعاث الثاني. ومعناه هو المعرب عنه بالنفخ المخصوص به بالقوة التي للدين ـ «راجع (١) راحة العقل» ـ التي هي إفاضة على المفاض عليه الذي كان خاليا منها ، فيحيا الحياة الأبدية ، وهذا الفعل المخصوص ذكره في الرسالة الوحيدة في المعاد والتقديس (٢) منه ما يكون أولا ، وهو النفخ الأول ، ومنه ما يكون آخرا وهو الثاني. فأما ما يكون أولا فهو الذي يكون في عالم الطبيعة ، وينقسم إلى ما يكون بتعليم من جهة من يكون طبيعيا. وإلى ما يكون بتأييد إلهي.
فالذي بتعليم فمن المفيد وما ينفخه في المستفيد (٣). وأمّا ما يكون بتأييد إلهي فهو إسراء القوى الإلهية من عالم الملكوت في نفس المبعوث الكائن في عالم الطبيعة وسريانها فيها ، فيتيسر لها جميع الأمور المتعلقة بالسعادة الأبدية والكمال الثاني.
وقد أخبر الله تعالى عن ذلك بإلقاء الروح حيث يقول : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (٤). أي رفيع الدرجات هو القائم بالفعل الذي هو الإلقاء بأمر الله.
والروح هو بركات القدس والملكوت الفائضة من أمره الذي هو المبدع الأول ، والموجود الأول سبحانه وتعالى ، على من يشاء من عباده المصطفين الذين كانت نفوسهم في ظلمات الطبيعة خالية وهي فيها غير مكتسبة ، وشبه تعالى وتكبر الإسراء والتسريب بالنفخ ، وذلك حادث (٥) من جهة المنصوبين للغاية
__________________
(١) راجع راحة العقل : سقطت في ط.
(٢) هي من تأليف الداعي أحمد حميد الدين الكرماني.
(٣) المستفيد : المفيد في ج.
(٤) سورة : ٤٠ / ١٥.
(٥) حادث : في ج حدث.