وإذ بسائر يرون خياله ، فقال لهم الرسول : من أحب منكم أن ينظر إلى آدم وعلمه ، ونوح في فهمه ، وإبراهيم في حلمه ، وموسى في مناجاته ، وعيسى في معجزاته وسنته ، وإلى محمد في تمامه وكماله وجماله فلينظر إلى هذا الرجل المقبل ، إذا هو. وإذا هو عليّ صلوات الله عليه وآله.
وكان ممثول سليمان في الملك الذي هو الإمام والحكمة. ذكر ذلك سيدنا المؤيد قدس الله سرّه بقوله : وبالباب سليمان. ومعنى ذلك .. روي أن سليمان كان في ملك عقيم حتى أخذ الحوت (١) خاتمه من يده ، فافتقر مدة طويلة إلى أن ردّ الله عليه خاتمه. فهو سليمان الدور صاحب الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده من أهل دور الستر الملقى على كرسيه جسدا ، فكرسيه علمه التأويلي المعنوي ، والجسد الملقى عليه ، يعني الظاهر الذي قام به الأول ، وهو الحوتة التي أخذت خاتمه أي خلافته وملكه ، حتى رد عليه (٢). أي من بعد ما انتقم الله من الفحشاء ، والمنكر ، والبغي ، فله الأمثال المضروبة والرموز المحجوبة. قال الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) (٣). المراد به النهاية الأولة. وقال تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (٤). المراد به النهاية الثانية.
فبهذه الصفات يجب معرفتهما والاعتقاد فيهما ، فأما من غلا فيهما ، أو في أحدهما ، وأقامه مقام الغيب تعالى ، أو مقام الإبداع ، أو مقام عقل من العقول المجردة في دار الصفاء ، فقد ضل ضلالا بعيدا ، وشبه وألحد وكفر ، وتمرد. أو من اعتقد في أحدهما اعتقادا مثل اعتقاد الرافضة من النصيرية (٥) وأمثالهم في معدن النور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الاعتقاد
__________________
(١) أخذ الحوت : أخذت الحوتة في ج.
(٢) رد عليه : ردد عليه في ط.
(٣) سورة : ٤٣ / ٨٤.
(٤) سورة : ٤٣ / ٨٤.
(٥) يقصد الفرقة النصيرية التي أسسها أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري سنة ٢٦٠ هجرية.