فلمّا ولدت خمدت في تلك الليلة نيران بيوت العبادات عند المجوس ، وتساقطت الأصنام من مواضعها ، وسقط من إيوان كسرى اثنتا عشرة شرفة ، وأزهرت الأرض في تلك الليلة ، واعتدل الجو وقد كان «فيه السعيد الكامل» (١) وبشر به ، وكذلك قس بن ساعدة ، وسيف بن ذي يزن ، وما جاء به من المعجزات مثل غرس النخلة لليهودية التي اشترى منها سلمان وامتحنته بغرس ثلاثمائة نخلة عند تمام آخر نخلة منها تطعم الأولة ، ومثل اقتراح قريش عليه في إنزال القمر وانشقاقه تحت قميصه ، ويخرج من كل كم شطر ، ويلتقيان في الهواء ، فكان ذلك. ومنها إطعام الأربعين رجلا من قريش على (٢) فخذ شاة وعس لبن شاة فشبعوا وارتووا (٣) ومنهم من يأكل الجذعة ويشرب فرق اللبن ، ومنها دخوله الغار وطي العنكبوت عليه نسجها حتى لم يروا منها رده لوصيه بدعائه للشمس حتى صلى العصر (٤). ومنها شاة أم معبد وولدها ، ومنها شاة جابر بن عبد الله وتفريق الطعام ، وإطعامه المهاجرين والأنصار منه حتى غنوا ، ورده ولدي جابر إلى الحياة وقد ذبح أحدهما الثاني ، ومثل إطعام أصحابه من باقي الطعام الذي كان فيه بقية شيء مع بعض أصحابه في المزود ، ومثل قبضه على مزود كان فيه باقي ماء بكفه (٥) ، فظهر الماء بين أصابعه ، فشرب الكل من أصحابه ودوابهم ، وغرفوا آنيتهم ، فكان ذلك أعظم من حجر موسى. ومنها مثل ناقته التي ضلّت ، فأرسل من يأتي بها من واد ، وأعلمهم أن زمامها التوى على شجرة فضبطها ، ومثل تسبيح الحصى في كفه ، ومثل الملائكة الذين ظهروا على الخيل البلق وعليهم الثياب يوم بدر ، يتقدمهم جبرائيل على فرس يقال له الحيزوم ، وهو يقول : أقدم حيزوم ؛ والفريقان
__________________
(١) فيه السعيد الكامل : به أسعد الكامل في ط.
(٢) على : سقطت في ط.
(٣) وارتووا : وريوا في ط.
(٤) العصر : المغرب في ج.
(٥) ماء بكفه : ماء لا يكفيه في ج وط.