أولاها ، وقسمه الهنية التي أسداها ، حمدا يزيد ولا يبيد ، في كل عصر وأوان جديد ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وأمينه ، جاء بالصدق ، وهدى إلى الحق ، بلغ الرسالة ، ووفى بالأمانة ، وبعد عن الخيانة ، فصلىاللهعليهوآله ، ووصيه ترجمان الحكمة ، وولي كل نعمة ، وعلى آلهما الطاهرين ، آل طه ويس ، وعلى مولانا وسيدنا وإمام عصرنا الطيب أبي القاسم (١) أمير المؤمنين ، وعلى آبائه وأبنائه شهادة برية من الغش والفساد ، مقرونة بالصدق والسداد ، أرجو بها الثواب والنجاة من العذاب ، إنشاء الله تعالى.
وكذلك نقول : إن الارتقاء والصعود إلى هذه الأفلاك الدينية فلكا من بعد فلك ، وإلى «حد بعد حد» (٢) إلى النهاية الذي إليه تدبير العالم ، البرزخ الروحاني ، والباب القدساني ، فإذا أخذ عهد الكريم على المستجيب كان العهد له علما ، يعرف به ، ويمتاز به عن غيره لدخول الباب ، فإذا استقام على الطريقة ، وباشر الحقيقة ، أخذ عليه الميثاق ، واستحق اسم الإيمان والإخلاص ، فإذا أنارت بصيرته ، وتشعشعت صورته ، اطلق عن الوثاق ، ورتب في فلك المكاسرين ، فإذا سمت همته ، وجدت عزيمته ، وعلت درجته ، رتب في فلك المطلقين ، فكان من الحدود السيارة المحيط بما دونه ، المصروف إليه أوامرهم ونواهيهم. فإذا بلغ رتبة الاحتلام بظهور الحدود عنه ، كما كان ظهوره عن السابق عليه (٣) في الوجود ، يدعو إلى توحيد الله سبحانه وحكمته ، رتب في فلك الدعاة
__________________
(١) يعني الإمام المستور الطيب بن الآمر بأحكام الله الخليفة الفاطمي ـ من سلالة المستعلي ـ الذي قتل بيد جماعة من النزارية سنة ٥٢٤ ه. الثالث من ذي القعدة. وهناك من يذهب إلى أن الاغتيال وقع سنة ٥٢٦ هجرية.
(٢) حد بعد حد : واحد بعد واحد في ج وط.
(٣) بهذه الطريقة نلاحظ أن المؤلف يشرح كيفية الترقي في المراتب والحدود عن طريق إقرار كل حد للحد الذي يليه بالسبق والأفضلية ووجوب التقدير والطاعة. وبواسطة هذا التنظيم الدقيق في مراتب الدعوة والدعاة تمكن الإسماعيلية في مختلف العصور من أن يجمعوا حولهم عددا كبيرا من المؤيدين ، ولم يغفلوا عن دعم هذه التنظيمات بنظريات فلسفية وتأويلات باطنية.