من تخلفه ، وهو يتدرج إلى القامة الألفية لخلاصه ، فإذا صعدت تلك الجملة تكوكبت في فلك الأثير ، وكانت البداية للحمل ، فسكنت في موضعه ، وهبط الحمل الأول إلى الأرض واختلط بما يماثله ويشاكله من المعادن ، وصعد إلى شيء من النبات المحمود ، من الفواكه الطيبة ، ثم يتناوله مستحقه فيغتذي به ، فتظهر تلك الأغذية بالتدريج في أعضاء المغتذي بها «إلى ما تصير نطفا مائزة عن شيء يختلط بها» (١) ، وتصعد إلى الكمال الأول البشري. ثم تطلب الخلاص وتسعى في ملائمة أهل الاختصاص ، «فتتعلم (٢) وتعلم» ، وتكون في الكمال الثاني في الحد الذي تستحقه من أفلاك الدين ، لا يعوقها عائق ، ولا يردعها رادع ، وتقبل (٣) جميع ما يلقى عليها من الأصباغ والأكاسير ، وذلك كذلك.
فإذا وفى ستين سنة ، تكون ممّا انحل (٤) من أجساد ثانية الدخان والبخار ، وانعقد في الأثير ، كواكب عديدة على عدة برج الثور ، وصعدت فلزمت مكانه ، وهبط البرج الأول على ما ذكرنا ، وكان تكونه على ما وصفنا إلى وفاء ستين سنة ، وصعد مثل ذلك ، وكان خليفة لبرج الجوزاء ، وهبط وتكون على ما ذكرنا ، فذلك كذلك ، يصعد لكل برج من يخلفه بالعدة إلى وفاء برج الحوت وعاود الصعود إلى الحمل كما ذكرنا ، ويكون ذلك الحال والانفعال من برج الحمل إلى برج الحوت في سبع مائة سنة وعشرين سنة ، وعلى ذلك.
وقد ذكرت الحكماء أن الأفلاك تتراخى (٥) بارباطها عند اجتماعها في برج الحمل على وفاء الكور الأعظم ، ويجري التحويل والتبديل ، حتى إنهم ذكروا أن الفلك يعود أرضا والأرض أفلاكا ، وهذا ما لا يمكن زوال الكل معا.
__________________
(١) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج.
(٢) فتتعلم وتعلم : فتعلم وتعلم في ط.
(٣) وتقبل : ويقبل في ج.
(٤) انحل : نجل في ط.
(٥) تتراخى : تترقى في ج.